فعلى هذا التقرير: لا حاجة إلى ملاحظة أن الشك في البقاء من جهة الشك في الاستعداد بأقسامه المذكورة آنفا، أو من جهة الشك في طرو المانع بقسميه المذكورين. ولا يرد النقض بالصور المذكورة الواردة نقضا على السابق.
ولعل هذا هو السر في لزوم اختلال نظام العالم لو ترك العمل بالاستصحاب، فإنه إذا شك أحدنا في بقاء أمر مترتب عليه أحكام المعاش، فلم يرتب عليه آثار البقاء، وشك أيضا في بقاء أمر آخر من الأمور المذكورة فلم يرتب عليه آثار البقاء، وفعل ذلك مرارا بالنسبة إلى الأمور المذكورة، فلما كان الغالب انكشاف البقاء فيوجب ذلك فوات كثير من مقاصد هذا الشخص. فإذا فعل شخص آخر كذلك وشخص آخر، وبالجملة لو بنى جميع الناس على أن لا يرتبوا آثار البقاء على مشكوك البقاء مع كشف البقاء غالبا - إما بالاستكشاف أو بالانكشاف - فيوجب ذلك فوات أغلب مقاصدهم، وينجر إلى الاختلال، فتأمل.
ويمكن استفادة ذلك من تقرير المصنف، المذكور في المتن.
[قوله] قدس سره: " وإذا رأينا منه في مواضع غير عديدة (1) أنه اكتفى - حين إبداء الحكم - بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه، ثم علمنا أن مراده كان من الامر الأول: الاستمرار، فنحكم في ما لم يظهر مراده - من الاستمرار وعدمه - بالاستمرار ".
[أقول]: لا يخفى أن هذا الاستقراء إنما يثبت ظن البقاء في ما إذا شك في بقاء أصل الحكم الكلي الذي ألقاه الشارع إلى العباد وارتفاعه.