الاكتفاء بواحد منهما سواء اشتركا في أمر أو تباينا بالكلية، وكذلك الحكم في ثبوت الحكم إلى الغاية ".
أقول: وقد أشرنا إلى بعض هذه المطالب قبل العثور على هذا الكلام في المبحث السابق، وأوردنا على ما نقلنا من بعض كلماته في شرح الدروس ما يدفعه تقييده هنا بقوله: " ونعلم أن ذلك التكليف غير مشروط بشئ من العلم بذلك الشئ " فلاحظ وتأمل.
هذا، ولكن التمييز بين الموارد ومعرفة ما يجري فيه هذا الاستصحاب - أعني لزوم العمل على استمرار الاشتغال حتى يحصل اليقين بالبراءة - وأن المكلف به في المردد بين أمور هل هو أحدهما المعين عند الله المبهم عندنا، أو المكلف به أن لا يترك مجموع المحتملات فيكفي الاتيان بالبعض أمر مبهم مشكل.
والحق أن إثبات الأول في غاية الصعوبة ونهاية الندرة إن لم نقل بأنه غير متحقق وكذلك الكلام في الامر المستمر إلى غاية معينة عند الله مبهمة عندنا، وقد ذكرنا بعض الأمثلة في المبحث السابق، ونقول هنا - أيضا -:
لو استدل، القائل بوجوب ثلاثة أحجار في الاستنجاء بأن حكم النجاسة مستمر إلى حصول المطهر الشرعي بالاجماع، ولم يتحقق المطهر إلا بالثلاثة " فيقال: لا نسلم الاجماع على أن النجاسة ثابتة إلى أن يحصل المطهر الشرعي، بل إنما نسلمه على أن الصلاة لا تصح بعد التغوط إلا مع حصول أحد من أشياء ثلاثة. إما الغسل بالماء أو التمسح بثلاثة أجسام طاهرة أو التمسح بطاهر، فلو قال: الاجماع ثبت على وجوب شئ وهو أحدهما المعين عند الله المبهم عندنا، فيقال: الاجماع على ذلك ممنوع، بل إنما يسلم الاجماع على أن ترك مجموع الثلاثة موجب للعقاب، وهكذا في كل ما يرد عليك، فعليك