واختفى علينا، أو ممتدة إلى آخر الأبد، والذي يجوز إجراء الاستصحاب فيه هو الأول، وذلك لان التتبع والاستقراء يحكمان بأن غالب الأحكام الشرعية في غير ما ثبت في الشرع له حد ليست باقية ولا محدودة إلى حد معين وأن الشارع يكتفي فيها فيما ورد عنه مطلقا في استمراره، ويظهر من الخارج أنه أراد منه الاستمرار، فإن تتبع أكثر الموارد واستقرائها يحصل الظن القوي بأن مراده من تلك المطلقات هي الاستمرار إلى أن يثبت الرافع من دليل عقلي أو نقلي. فإن قيل: فهذا مردود عليك في حكاية النبوة.
قلنا: ليس كذلك، لان الغالب في النبوات هو التحديد، بل إنما الذي ثبت علينا ونسلمه من الامتداد القابل لان نمده إلى الأبد هو نبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم مع أنا لا نحتاج في إثباته إلى التمسك بالاستصحاب حتى يتمسك الخصم بأن نبوته أيضا مرددة بين الأمور الثلاثة، بل نحن متمسكون بما نقطع به من النصوص والاجماع.
نعم لو كان تمسكنا بالاستصحاب في الدوام لاستظهر علينا الخصم بما نبهناه عليه.
فإن قيل: قولكم بالنسخ يعين الاطلاق ويبطل التحديد، لان اخفاء المدة وعدم بيان الاخر مأخوذ في ماهية النسخ وهو بعينه مورد الاستصحاب.
قلنا: ما سمعت من مخاصمتنا مع اليهود في تصحيح النسخ وابطال قولهم في بطلانه إنما هو من باب المماشاة معهم في عدم تسليمهم التحديد وابطال قولنا بقبح النسخ، وإلا فالتحقيق أن موسى وعيسى على نبينا وآله وعليهما السلام أخبرا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، سلم، وكتابهما ناطق به لا أن نبوتهما مطلقة ونحن نبطلهما بالنسخ، فلما كان اليهود منكرين لنطق كتابهم ونبيهم بذلك وزعموا