حكاية ما جرى بينه وبين أحد من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى، من أنه تمسك بأن المسلمين قائلون بنبوة نبينا ملى الله عليه وآله وسلم فنحن وهم متفقون على حقيته ونبوته في أول الامر فعلى المسلمين أن يثبتوا بطلان دينه، ثم ذكر أنه أجابه بما هو المشهور من أنا لا نسلم نبوة نبي لا يقول بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فموسى أو عيسى الذي يقول بنبوته اليهود أو النصارى نحن لا نعتقده، بل نعتقد بموسى أو عيسى الذي أخبر عن نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وصدقه، وهذا مضمون ما ذكره الرضا عليه السلام في جواب الجاثليق، فإنه قال له: ما تقول في نبوة عيسى وكتابه، هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا عليه السلام: انا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وما أقرت به الحواريون، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبكتابه ولم يبشر به أمته.
قال الفاضل: فأجابني بأن عيسى بن مريم المعهود الذي لا يخفى على أحد حاله وشخصه أو موسى بن عمران المعلوم الذي لا يشتبه حاله على أحد من المسلمين ولا أهل الكتاب جاء بدين وأرسله الله نبيا، وهذا القدر مسلم الطرفين، ولا يتفاوت ثبوت رسالة هذا الشخص واتيانه بدين بين أن يقول بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أم لا، فنحن نقول: دين هذا الرجل المعهود رسالته باق بحكم الاستصحاب فعليكم بإبطاله، وبذلك أفحم الفاضل المذكور في الجواب.
فتأملت هوينا فقلت في ابطال الاستصحاب - بعد فرض تسليم جواز التمسك به في أصول الدين -: إن موضوع الاستصحاب لابد أن يكون معينا حتى يجري على منواله ولم يتعين هنا إلا النبوة في الجملة وهو كلي قابل للنبوة إلى آخر الأبد بأن يقول الله أنت نبي وصاحب دين إلى يوم القيامة