لاجل أن المدلول - وهو الحكم الثابت في الزمان الأول على فرض وجوده في الآن الثاني - ليس باقيا بوجوده الأولي السابق، بل هو موجود آخر يكون على تقدير وجوده في متن الواقع موجودا مغايرا للموجود السابق مجامعا معه في الزمان السابق.
فالشك في المثال السابق ليس في أن الحكم المتحقق سابقا قطعا، هل هو باق أم لا؟ بل هو شك في أن حكما آخر - وهو وجوب الفعل في هذا الزمان الثاني -، هل حدث من أول الامر مع الحكم السابق - وهو وجوب الفعل في الزمان الأول - أم لا؟
ومن هذا القبيل: ما إذا شك في أن صيغة الامر على القول بإفادتها للفور - أو عند إفادتها له بالقرينة - هل تدل على وجوب الفعل في ما بعد أول أزمنة الامكان إذا لم يفعله فيه، أو لا؟ فشك من أجل ذلك في الزمان اللاحق في وجوب الفعل وعدمه.
ومنه: ما إذا شك في أن القضاء بالأمر الأول أو بفرض جديد، فافهم [قوله] قدس سره: " وأما في الإباحة وما يستلزمها من الأحكام الوضعية، فلان عدم اعتقاد إباحته يوجب عدم امتثال أمر الله، فإن الاعتقاد بما سننه واجب، واجبا كان أو مباحا أو غيرها ".
[أقول]: توضيحه: أن الدليل إذا دل على إباحة فعل إلى غاية معينة من غير اشتراط بالعلم بالغاية، فلما كان هذا الحكم مستلزما لوجوب اعتقاد إباحة ذلك الفعل إلى تلك الغاية، نظرا إلى الأدلة الخارجية الدالة على وجوب الاعتقاد بجميع ما شرع الله لعباده على الوجه الذي شرع فيحدث هنا بالاستلزام تكليف طلبي وجوبي لا بد من امتثاله على وجه القطع