فظهر من جميع ذلك: أنه إذا ثبت حكم إلى غاية وعلمنا بأن بعد حدوث الغاية يحدث حكم مخالف للأول بحيث لا يمكن اجتماع امتثالها - كأن يكون الأول الوجوب والثاني الحرمة أو بالعكس - فكلام المستدل إنما هو في فرض واحد من الفروض المتصورة فيه، وهو أن يكون التكليف الأول غير مشروط بالعلم دون الثاني، وفي هذا المفرض ليس الاحتياط ممتنعا، فانحصر مدعى هذا المستدل في صورة إمكان الاحتياط، فيكون دليله - أعني حكم العقل بالاشتغال - مساويا لمدعاه، لا أخص.
وأما إذا ثبت حكم إلى غاية ونعلم أن بعد حدوثها يحدث تكليف لا يمتنع اجتماعه مع الحكم الأول في الامتثال - كأن يكون الأول الوجوب والثاني الاستصحاب أو الإباحة - فيجري ادعاء المستدل من وجوب الاحتياط يحكم العقل في جميع الفروض الأربعة السابقة المتصورة فيه، لامكانها وإمكان الاحتياط في جميعها، فتأمل.
[قوله] قدس سره: " ولا (1) يرد عليه ما قيل: إن هذا جار،... الخ ".
[أقول]: هذا المورد القائل هو السيد صدر الدين في شرح الوافية، حيث قال: " إن هذا الدليل جار في ما إذا ثبت تحقق حكم في الواقع مع الشك في تحققه بعد انقضاء زمان لابد للتحقق منه، وهذا هو الذي أجرى القوم الاستصحاب فيه.
بيانه: أنا كما نجزم في الصورة التي فرضها المستدل بتحقق الحكم في قطعة من الزمان ونشك حين القطع في تحققه في زمان يكون حدوث الغاية فيه وعدم حدوثها متساويين، كذلك نجزم بتحقق الحكم في زمان لا يمكن