فعموم ما دل على طهارة التراب أو الدود أو الملح، وحليتها يعارض استصحاب النجاسة، وسنبين أن الاستصحاب - من حيث هو - لا يعارض الدليل من حيث هو، مع أن حصول الظن بالبقاء في مثل ذلك ممنوع، ودلالة الاخبار أيضا غير واضحة، إذ حكم اليقين أنما كان ثابتا لشئ آخر، والذي لا يجوز نقضه بالشك هو الحكم المتعلق بالماهية السابقة ولا تبق بحالها حتى يحكم بعدم جواز نقض حكها، فما حصل الجزم بالاستحالة العرفية فيحكم بانقطاع الاستصحاب فيه وما حصل الجزم بعدمه فيجزم بجريان الاستصحاب فيه، وما حصل الشك فيه فيرجع إلى سائر الأدلة ثم إلى الأصل.
ومما ذكرنا يعرف الكلام في الانتقال مثل انتقال دم الانسان إلى بطن القمل والبرغوث والبق، وهنا وإن كان تبدل الحقيقة في غاية الخفاء سيما في أول مص هذه الحيوانات للدم، وخصوصا في العلق، ولكن اطلاق دم الحيوان الغير ذي النفس على هذا الدم مع عدم تصور دم لأغلب هذه، إلا ما في بطنها من جهة المص يوجب الحكم بالطهارة ففي الحقيقة يرجع الكلام في أمثال ذلك إلى وجود المعارض لا عدم امكان جريان الاستصحاب، ولذلك توقف بعض المتأخرين في إفادة تغير الموضوع في ترك العمل بالاستصحاب وتأمل في كون تغير الموضوع قاطعا للاستصحاب.