ما يوجب اليقين، والشك ليس من قبيل المانع، بل هو سبب لارتفاع أحد جزئي المقتضي، وهو اليقين بعدم حدوث المزيل، لما عرفت - في المقدمة (1) - من أن اليقين بالحكم الجزئي مركب من يقينين، أحدهما: اليقين بالحكم الكلي، والثاني: اليقين بتحقق موضوعه، أعني وجود سبب الحكم وارتفاع مزيله.
ومما يؤيد ما ذكرنا: قوله عليه السلام في ما بعد: " ولكن ينقضه بيقين آخر " ولا شك أن معنى نقض اليقين باليقين ليس أن يكون في آن اليقين بالخلاف أمر موجب لليقين السابق لولا اليقين، ضرورة أنه لا يوجد في ذلك الآن هذا الشئ.
مثلا إذا قطع المكلف بحدوث البول، فلا شك أنه ليس هنا ما يوجب اليقين بالطهارة لولا هذا اليقين، إذ لا يتصور ذلك الشئ إلا الدليل، ومعلوم [أنه] (1) لا يوجب الحكم بالطهارة في زمان اليقين بالبول لولا اليقين بالبول.
وكذا ورد في بعض الاخبار: " أن اليقين لا ينقض بالشك، بل الشك ينقض باليقين " (3) فمقتضى الفقرة الأخيرة - على ما قاله المحقق - هو أن يكون شئ يوجب الشك لولا اليقين، وهو كما ترى.
فإن قلت: إن المراد باليقين في قوله: " أن يكون شئ يوجب اليقين لولا الشك " هو المتيقن السابق، أو الآثار المترتبة على اليقين السابق، ولا شك أن الدليل الدال بعمومه على استمرار الحكم إلى حدوث ما جعل مزيلا يشمل ثبوت الحكم في هذا الآن لولا الشك، فالمقتضي لثبوت الحكم في الآن الثاني