بالاعتراف بعدم جواز الطرح في هذه الصورة.
فظهر الفرق بين وجه منعه هناك ووجه منعه هنا، فافهم واغتنم.
الثاني من وجهي الاستشكال: أن عمل العقلاء بالاستصحاب في أمورهم لو كان من جهة حصول الظن منه وكان الاستصحاب عندهم إحدى الامارات المفيدة للظن لوجب أن يكون بحيث إذا عارضته أمارة أخرى يقوى على معارضتها، إما بأن يترجح عليها ويجعل مقتضاها موهوما، أو يرفع ظنها، وإن لم يحصل الظن منه أيضا، فيرجع أمرهما إلى الشك، والحال أنه ليس كذلك، بل كلما حصلت أمارة على خلافه أوجبت رجحان الخلاف وجعلت مقتضى الاستصحاب موهوما.
وهذا - أيضا - مسلم عند القائلين بإفادته للظن، حيث اعتبروا في الإفادة عدم طرو الظن بالارتفاع.
ودعوى: أن هذا من جهة كون الظن الحاصل منه أضعف من جميع الامارات ولا توجد أمارة تساويه في الضعف، ظاهرة الفساد، بل قيل بالقطع بفساد هذه الدعوى، فتأمل.
ولكن يمكن دفع الاشكالين:
أما الأول: فلان المستحيل إنما هو حصول الظن ببقاء الجميع في الصورة التي ذكرت، أو ببقاء البعض مع عدم وجود مرجح يصرف العلم الاجمالي إلى البعض الاخر. وأما حصول الظن ببقاء البعض مع المرجح المذكور فغير مستحيل.
فنقول: في ما إذا قطع بموت بعض مجمل من أهل بلد، لا ندعي أن الشخص الواحد من العقلاء يبني على بقاء الجميع، ويترتب آثار البقاء عليهم، كلا! بل يبني على بقاء بعضهم - أعني أصدقائه مثلا، أو من له غرض