القول بنفي الحجية في الحكم الشرعي إذا ثبت من الاجماع (1)، أن ثبوت الحكم في الآن المتأخر يحتاج إلى دليل ولو كان الاجماع ثابتا في الآن المتأخر أيضا لما حصل هنا خلاف، فالخلاف في مسألة المتيمم الذي أصاب الماء في أثناء الصلاة مثلا، كاشف عن أن الاجماع لم ينعقد إلا على وجوب المضي في الحال الأول وهو ما قبل رؤية الماء وإلا لكان المخالف خارقا للاجماع، وإذا لم يثبت الاجماع - والمفروض عدم دليل آخر على الانسحاب - فلا يثبت الحكم السابق في الآن المتأخر.
وفيه: إن هذا الكلام يجري في غير ما ثبت الحكم من الاجماع أيضا، إذ لو كان النص الدال على ثبوت الحكم في الآن الأول شاملا للآن المتأخر بعمومه، فهذا استدلال بالعموم لا بالاستصحاب، وان لا يكن فيه شمول له فلا دليل على ثبوت الحكم في الآن المتأخر، وهذا الدليل إنما يناسب القول بنفي حجية الاستصحاب مطلقا لا التفصيل.
والحل: أنا لا نقول في صورة استصحاب حال الاجماع إن الاجماع موجود في الآن المتأخر، ولا نقول أيضا لابد أن يكون المسألة في الآن المتأخر أيضا إجماعية، بل نقول إن الاجماع أيضا كالنص كاشف من حكمة واقعية أوجبت صدور الحكم عن الشارع بثبوت الحكم ولم يقيد ثبوت الحكم بالآن الأول بأن يكون الاجماع بشرط الآن الأول وعدم انضمام الآن الاخر إليه، وكذلك النص، بل إنما ثبت مطلق الحكم في الآن الأول وهو لا يفيد اختصاصه به، ثم لا نقول بأن علة حصوله في الأوان المتأخرة هو حصوله في الآن الأول، لعدم الدليل على ذلك بل نقول إن الظن حاصل ببقاء