والثاني: أنه فتى كان بمكة يسمى " بلعام " وكان نصرانيا أعجميا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه، فلما رأى المشركون دخوله إليه وخروجه، قالوا ذلك، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أنه نزلت في كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيملي عليه " سميع عليم " فيكتب هو " عزيز حكيم " أو نحو هذا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي ذلك كتبت فهو كذلك "، فافتتن، وقال: إن محمدا يكل ذلك إلي فأكتب ما شئت، روي عن سعيد بن المسيب.
والرابع: أنه غلام أعجمي لامرأة من قريش يقال له: " جابر "، وكان جابر يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتعلم منه، فقال المشركون: إنما يتعلم محمد من هذا، قاله سعيد بن جبير.
والخامس: أنهم عنوا سلمان الفارسي، قاله الضحاك، وفيه بعد من جهة أن سلمان أسلم بالمدينة، وهذه مكية.
والسادس: أنه عنوا به رجلا حدادا كان يقال " بحنس " النصراني، قاله ابن زيد.
والسابع: أنهم عنوا به غلاما لعامر بن الحضرمي، وكان يهوديا أعجميا، واسمه " يسار "، ويكنى " أبا فكيهة "، قاله مقاتل. وقد روي عن سعيد بن جبير نحو هذا، إلا أنه لم يقل: إنه كان يهوديا.
والثامن: أنهم عنوا غلاما أعجميا اسمه " عايش "، وكان مملوكا لحويطب، وكان قد أسلم قاله الفراء، والزجاج.
والتاسع: أنهما رجلان، قال عبد الله بن مسلم الحضرمي: كان لنا عبدان من أهل عين التمر، يقال لأحدهما: " يسار " وللآخر " جبر " وكانا يصنعان السيوف بمكة، ويقرآن الإنجيل، فربما مر بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن، فيقف يستمع، فقال المشركون: إنما يتعلم منهما. قال ابن الأنباري، فعلى هذا القول، يكون البشر واقعا على اثنين، والبشر من أسماء الأجناس، يعبر عن اثنين، كما يعبر " أحد " عن الاثنين والجميع، والمذكر والمؤنث.
قوله تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: " يلحدون " بضم الياء وكسر الحاء، وقرأ حمزة، والكسائي: " يلحدون " بفتح الياء والحاء. فأما القراءة الأولى، فقال ابن قتيبة: " يلحدون " أي: يميلون إليه، ويزعمون أنه يعلمه، وأصل الإلحاد الميل. وقال الفراء: " يلحدون " بضم الياء: يعترضون، ومنه قول: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) أي: باعتراض، و " يلحدون " بفتح الياء: يميلون. وقال الزجاج: يلحدون إليه،