بئس ما رأيت، السلال الثلاث، ثلاثة أيام، ثم يبعث إليك الملك عند انقضائهن، فيقتلك ويصلبك ويأكل الطير من رأسك، فقالا: ما رأينا شيئا، فقال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) أي: فرغ منه، وسيقع بكما، صدقتما أو كذبتما.
فإن قيل: لم حتم على وقوع التأويل، وربما صدق تأويل الرؤيا وكذب؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه حتم ذلك لوحي أتاه من الله، وسبيل المنام المكذوب فيه أن لا يقع تأويله، فلما قال: " قضي الأمر "، دل على أنه بوحي.
والثاني: أنه لم يحتم، بدليل قوله: " وقال للذي ظن أنه ناج منهما "، قال أصحاب هذا الجواب: معنى " قضي الأمر ": قطع الجواب الذي التمستماه من جهتي، ولم يعن أن الأمر واقع بكما. وقال أصحاب الجواب الأول: الظن ها هنا بمعنى العلم.
وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (42) قوله تعالى: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما) يعني الساقي. وفي هذا الظن قولان:
أحدهما: أنه بمعنى العلم، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الظن الذي يخالف اليقين، قاله قتادة.
قوله تعالى: (اذكرني عند ربك) أي: عند صاحبك، وهو الملك، وقل له: إن في السجن غلاما حبس ظلما. واسم الملك: الوليد بن الريان.
قوله تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربه) فيه قولان:
أحدهما: فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال ابن إسحاق.
والثاني: فأنسى الشيطان يوسف ذكر ربه، وأمره بذكر الملك ابتغاء الفرج من عنده، قاله مجاهد، ومقاتل، والزجاج، وهذا نسيان عمد، لا نسيان سهو، وعكسه القول الذي قبله.
قوله تعالى: (فلبث في السجن بضع سنين) أي: غير ما كان قد لبث قبل ذلك، عقوبة له على تعلقه بمخلوق. وفي البضع تسعة أقوال:
أحدها: ما بين السبع والتسع، روى ابن عباس أن أبا بكر لما ناحب قريشا عند نزول (آلم غلبت الروم)، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا احتطت، فإن البضع ما بين السبع إلى