إذا ضرب امرأته المخاض، توارى إلى أن يعلم ما يولد له، فإن كان ذكرا، سر به، وإن كانت أنثى، لم يظهر أياما يدبر كيف يصنع في أمرها، وهو قوله: (أيمسكه على هون) فالهاء ترجع إلى ما في قوله: (ما بشر به)، والهون في كلام العرب: الهوان. وقرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة، والجحدري: " على هوان "، والدس: إخفاء الشئ في الشئ، وكانوا يدفنون البنت وهي حية (ألا ساء ما يحكمون) إذ جعلوا لله البنات اللاتي محلهن منهم هذا، ونسبوه إلى الولد، وجعلوا لأنفسهم البنين.
للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم (60) قوله تعالى: (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء) أي: صفة السوء من احتياجهم إلى الولد، وكراهتهم للإناث، خوف الفقر والعار (ولله المثل الأعلى) أي: الصفة العليا من تنزهه وبراءته عن الولد.
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (61) قوله تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم) أي: بشركهم ومعاصيهم، كلما وجد شئ منهم أو خذوا به (ما ترك على ظهرها) يعني: الأرض، وهذه كناية عن غير مذكور، غير أنه مفهوم، لأن الدواب إنما هي على الأرض. وفي قوله: (من دابة) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه عنى جميع ما يدب على وجه الأرض، قاله ابن مسعود. قال قتادة: وقد فعل ذلك في زمن نوح عليه السلام، وقال السدي: المعنى: لأقحط المطر فلم تبق دابة إلا هلكت، وإلى نحوه ذهب مقاتل.
والثاني: أنه المراد من الناس خاصة، قاله ابن جريج.
والثالث: من الإنس والجن، قاله ابن السائب، وهو اختيار الزجاج.
قوله تعالى: (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) وهو منتهى آجالهم، وباقي الآية قد تقدم.