قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي ضرا...) الآية، قد ذكرت تفسيرها في آيتين من الأعراف.
قوله تعالى: (إن أتاكم عذابه بياتا) قال الزجاج: البيات: كل ما كان بليل. وقوله:
(ماذا) في موضع رفع من جهتين. إحداهما: أن يكون (ذا) بمعنى الذي، المعنى: ما الذي يستعجل منه المجرمون؟ ويجوز أن يكون (ماذا) اسما واحدا، فيكون المعنى: أي شئ يستعجل منه المجرمون؟ والهاء في (منه) تعود على العذاب. وجائز أن تعود على ذكر الله تعالى، فيكون المعنى: أي شئ يستعجل المجرمون من الله تعالى؟ وعودها على العذاب أجود، لقوله:
(أثم إذا ما وقع آمنتم به). وذكر بعض المفسرين أن المراد بالمجرمين: المشركون، وكانوا يقولون: نكذب بالعذاب ونستعجله، ثم إذا وقع العذاب آمنا به: فقال الله تعالى موبخا لهم:
(أثم إذا ما وقع آمنتم به) أي: هنالك تؤمنون فلا يقبل منكم الإيمان، ويقال لكم: الآن تؤمنون فأضمر: تؤمنون به مع (الآن وقد كنتم به تستعجلون) مستهزئين، وهو قوله: (ثم قيل للذين ظلموا) أي: كفروا، عند نزول العذاب (ذوقوا عذاب الخلد)، لأنه إذا نزل بهم العذاب، أفضوا منه إلى عذاب الآخرة الدائم.
* * * ويستنبؤنك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين (53) قوله تعالى: (ويستنبؤنك) أي: ويستخبرونك (أحق هو) يعنون البعث والعذاب.
(قل إي) المعنى: نعم (وربي)، وفتح هذه الياء نافع، وأبو عمرو. وإنما أقسم مع أخباره تأكيدا. وقال ابن قتيبة: (إي) بمعنى (بل) ولا تأتي إلا قبل اليمين صلة لها.
قوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين) قال ابن عباس: بسابقين. وقال الزجاج: لستم ممن يعجز أن يجازى على كفره.
* * * ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (54) ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون (55) هو يحيي ويميت وإليه ترجعون (56)