شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3) قوله تعالى: (أكان للناس عجبا): سبب نزولها: أن الله تعالى لما بعث محمدا (صلى الله عليه وسلم) أنكرت الكفار ذلك، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد. فنزلت هذه الآية.
والمراد بالناس هاهنا: أهل مكة، والمراد بالرجل: محمد صلى الله عليه وسلم.
ومعنى (منهم): يعرفون نسبه، قاله ابن عباس.
فأما الألف فهي للتوبيخ والإنكار. قال ابن الأنباري: والاحتجاج عليهم في كونهم عجبوا من إرسال محمد، محذوف هاهنا، وهو مبين في قوله: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم) أي:
فكما وضح لكم هذا التفاضل بالمشاهدة فلا تنكروا تفضيل الله من شاء بالنبوة. وإنما حذفه هاهنا اعتمادا على ما بينه في موضع آخر.
قال: وقيل: إنا عجبوا من ذكر البعث والنشور لأن الإنذار والتبشير يتصلان بهما، فكان جوابهم في مواضع كثيرة تدل على كون ذلك مثل قوله: (وهو أهون عليه) وقوله: (يحيها الذي أنشأها أول مرة).
وفي المراد بقوله: (قدم صدق) سبعة أقوال:
أحدها: أنه الثواب الحسن بما قدموا من أعمالهم. رواه العوفي عن ابن عباس، وروى عنه أبو صالح قال: عمل صالح يقدمون عليه.
والثاني: أنه ما سبق لهم من السعادة في الذكر الأول، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال أبو عبيدة: سابقة صدق.
والثالث: شفيع صدق، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم يوم القيامة. قاله الحسن.
والرابع: سلف صدق تقدموهم بالإيمان، قاله مجاهد، وقتادة.
والخامس: مقام صدق لا زوال عنه، قاله عطاء.
والسادس: أن قدم الصدق: المنزلة الرفيعة. قاله الزجاج.