يستغفر لهم كل ليلة جمعة في نيف وعشرين سنة.
والثاني: إلى وقت السحر من ليلة الجمعة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. قال طاوس:
فوافق ذلك ليلة عاشوراء.
والثالث: إلى وقت السحر، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال ابن مسعود، وابن عمر، وقتادة، والسدي، ومقاتل. قال الزجاج: إنما أراد الوقت الذي هو أخلق لإجابة الدعاء، لا أنه ضن عليهم بالاستغفار، وهذا أشبه بأخلاق الأنبياء عليهم السلام.
والقول الثاني: أنه دفعهم عن التعجيل بالوعد. قال عطاء الخراساني: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ، ألا ترى إلى قول يوسف: " لا تثريب عليكم اليوم " وإلى قول يعقوب: " سوف أستغفر لكم ربي ".
والثالث: أنه أخرهم ليسأل يوسف، فإن عفا عنهم، استغفر لهم، قاله الشعبي. وروي عن أنس بن مالك أنهم قالوا: يا أبانا إن عفا الله عنا، وإلا فلا قرة عين لنا في الدنيا، فدعا يعقوب وأمن يوسف، فلم يجب فيهم عشرين سنة، ثم جاء جبريل فقال: إن الله قد أجاب دعوتك في ولدك، وعفا عما صنعوا به، واعتقد مواثيقهم من بعد على النبوة. قال المفسرون: وكان يوسف قد بعث مع البشير إلى يعقوب جهازا ومائتي راحلة، وسأله أن يأتيه بأهله وولده. فلما ارتحل يعقوب ودنا من مصر، استأذن يوسف الملك الذي فوقه في تلقي يعقوب، فأذن له، وأمر الملأ من أصحابه بالركوب معه، فخرج في أربعة آلاف من الجند، وخرج معهم أهل مصر.
وقيل: إن الملك خرج معهم أيضا. فلما التقى يعقوب ويوسف، بكيا جميعا، فقال يوسف: يا أبت بكيت علي حتى ذهب بصرك، أما علمت أن القيامة تجمعني وإياك؟ قال: أي:
بني، خشيت أن تسلب دينك فلا نجتمع.
وقيل: إن يعقوب ابتدأه بالسلام، فقال: السلام عليك يا مذهب الأحزان.
فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين (99) قوله تعالى: (فلما دخلوا على يوسف) يعني: يعقوب وولده. وفي هذا الدخول قولان:
أحدهما: أنه دخول أرض مصر، ثم قال لهم: (ادخلوا مصر) يعني البلد.
والثاني: أنه دخول مصر، ثم قال لهم: " ادخلوا مصر " أي: استوطنوها. وفي قوله:
(آوى إليه أبويه) قولان: