لرؤف رحيم (7) قوله تعالى: (والأنعام خلقها لكم) الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم.
قوله تعالى: (لكم فيها دف ء) فيه قولان:
أحدهما: أنه ما استدفئ به من أوبارها تتخذ ثيابا، وأخبية، وغير ذلك. روى العوفي عن ابن عباس أنه قال: يعني بالدف ء: اللباس، وإلى هذا المعنى ذهب الأكثرون.
والثاني: أنه نسلها. روى عكرمة عن ابن عباس: (فيها دف ء) قال: الدف ء: نسل كل دابة وذكر ابن السائب قال: يقال: الدف ء أولادها، ومن لا يحمل من الصغار، وحكى ابن فارس اللغوي عن الأموي، قال: الدف ء عند العرب: نتاج الإبل وألبانها.
قوله تعالى: (ومنافع) أي: سوى الدف ء من الجلود، والألبان، والنسل، والركوب، والعمل عليها، إلى غير ذلك، (ومنها تأكلون) يعني: من لحوم الأنعام.
قوله تعالى: (ولكم فيها جمال) أي: زينة، (حين تريحون) أي: حين تردونها إلى مراحلها، وهو المكان الذي تأوي إليه، فترجع عظام الضروع والأسنمة، فيقال: هذا مال فلان، (حين تسرحون): ترسلونها بالغداة إلى مراعيها.
فإن قيل: لم قدم الرواح وهو مؤخر؟
فالجواب: أنها في حال الرواح تكون أجمل، لأنها قد رعت، وامتلأت ضروعها، وامتدت أسنمتها.
قوله تعالى: (وتحمل أثقالكم) الإشارة بهذا إلى ما يطيق الحمل منها، والأثقال: جمع ثقل، وهو متاع المسافر. وفي قوله تعالى: (إلى بلد) قولان:
أحدهما: أنه عام في كل بلد يقصده المسافر، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أن المراد به: مكة، قاله عكرمة، والأول أصح، والمعنى: أنها تحملكم إلى كل بلد تكلفتم أنتم بلوغه لم تبلغوه إلا بشق الأنفس. وفي معنى " شق الأنفس " قولان:
أحدهما: أنه المشقة، قاله الأكثرون. قال ابن قتيبة: يقال: نحن بشق من العيش، أي:
بجهد، وفي حديث أم زرع: " وجدني في أهل غنيمة بشق ".