والثالث: وأفئدتهم منخرقة لا تعي شيئا، قاله مرة بن شراحيل. وقال الزجاج: متخرقة لا تعي شيئا من الخوف.
والرابع: وأفئدتهم جوف لا عقول لها، قاله أبو عبيدة، وأنشد لحسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني * فأنت مجوف نخب هواء فعلى هذا يكون المعنى: أن قلوبهم خلت عن العقول، لما رأوا من الهول. والعرب تسمي كل أجوف خاو هواء. قال ابن قتيبة: ويقال: أفئدتهم منخوبة من الخوف والجبن.
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال (44) قوله تعالى: (وأنذر الناس) أي: خوفهم (يوم يأتيهم العذاب) يعني به يوم القيامة، وإنما خصه بذكر العذاب، وإن كان فيه ثواب، لأن الكلام خرج مخرج التهديد للعصاة. قال ابن عباس: يريد بالناس هاهنا: أهل مكة.
قوله تعالى: (فيقول الذين ظلموا) أي: أشركوا (ربنا أخرنا إلى أجل قريب) أي:
أمهلنا مدة يسيرة. وقال مقاتل: سألوا الرجوع إلى الدنيا، لأن الخروج من الدنيا قريب. (نجب دعوتك) يعني: التوحيد، فيقال لهم: (أولم تكونوا أقسمتم من قبل) أي: حلفتم في الدنيا أنكم لا تبعثون ولا تنتقلون من الدنيا إلى الآخرة.
وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال (45) قوله تعالى: (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) أي: نزلتم في أماكنهم وقراهم، كالحجر ومدين، والقرى التي عذب أهلها. ومعنى " ظلموا أنفسهم " ضروها بالكفر والمعصية.
(وتبين لكم) وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل الناجي " وتبين " بضم التاء. (كيف فعلنا بهم) يعني: كيف عذبناهم، يقول: فكان ينبغي لكم أن تنزجروا عن المخالفة اعتبارا بمساكنهم بعدما علمتم فعلنا بهم، (وضربنا لكم الأمثال) قال ابن عباس: يريد الأمثال التي في القرآن.