أحدها: أنهم كانوا يعيرون يوسف وأخاه بعبادة جدهما أبي أمهما للأصنام، فقال: لا تبتئس بما كانوا يعملون من التعيير لنا، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: لا تحزن بما سيعملون بعد هذا الوقت حين يسرقونك، فتكون " كانوا " بمعنى " يكونون " قال الشاعر:
فأدركت من قد كان قبلي ولم أدع * لمن كان بعدي في القصائد مصنعا وقال آخر:
وانضح جوانب قبره بدمائها * فلقد يكون أخا دم وذبائح أراد: فقد كان، وهذا مذهب مقاتل.
والثالث: لا تحزن بما عملوا من حسدنا، وحرصوا على صرف وجه أبينا عنا، وإلى هذا المعنى ذهب ابن إسحاق.
فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون (70) قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون (71) قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم (72) قوله تعالى: (فلما جهزهم بجهازهم) قال المفسرون: أوفى لهم الكيل، وحمل ل " لابن يامين " بعيرا باسمه كما حمل لهم، وجعل السقاية في رحل أخيه، وهي الصواع، فهما اسمان واقعان على شئ واحد، كالبر والحنطة، والمائدة والخوان. وقال بعضهم: الاسم الحقيقي:
الصواع، والسقاية وصف، كما يقال: كوز، وإناء، فالاسم الخاص: الكوز. قال المفسرون:
جعل يوسف ذلك الصاع مكيالا لئلا يكال بغيره. وقيل: كال لإخوته بذلك، إكراما لهم. قالوا:
ولما ارتحل إخوة يوسف وأمعنوا، أرسل الطلب في أثرهم، فأدركوا وحبسوا، (ثم أذن مؤذن) قال الزجاج: أكثرت الإعلام بالشئ، يعني: أنه إعلام بعد إعلام. (أيتها العير) يريد: أهل العير: فأنث لأنه جعلها للعير. قال الفراء: لا يقال: عير، إلا لأصحاب الإبل. وقال أبو عبيدة:
العير: الإبل المرحولة المركوبة. وقال ابن قتيبة: العير: القوم على الإبل.
فإن قيل: كيف جاز ليوسف أن يسرق من لم يسرق؟ فعنه أربعة أجوبة:
أحدها: أن المعنى: إنكم لسارقون يوسف حين قطعتموه عن أبيه وطرحتموه في الجب، قاله الزجاج.