قوله تعالى: (ينزل الملائكة) قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ينزل) بإسكان النون وتخفيف الزاي. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (ينزل) بالتشديد، وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (تنزل) بالتاء مضمومة، وفتح الزاي مشددة. (الملائكة) رفع. قال ابن عباس: يريد بالملائكة جبريل عليه السلام وحده. وفي المراد بالروح ستة أقوال:
أحدها: الوحي، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنه النبوة، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثالث: أن المعنى تنزل الملائكة بأمره، رواه العوفي عن ابن عباس. فعلى هذا يكون المعنى: أن أمر الله كله روح. قال الزجاج: الروح ما كان فيه من أمر الله حياة النفوس بالإرشاد.
والرابع: أنه الرحمة، قاله الحسن، وقتادة.
والخامس: أنه أرواح الخلق: لا ينزل ملك إلا ومعه روح، قاله مجاهد.
والسادس: أنه القرآن، قاله ابن زيد. فعلى هذا سماه روحا، لأن الدين يحيا به، كما أن الروح تحيي البدن. وقال بعضهم: الباء في قوله: (بالروح) بمعنى: مع، فالتقدير: مع الروح، (من أمره) أي: بأمره، (على من يشاء من عباده) يعني: الأنبياء، (أن أنذروا) قال الزجاج:
والمعنى: أنذروا أهل الكفر والمعاصي (أنه لا إله إلا أنا) أي: مروهم بتوحيدي، وقال غيره:
أنذروا بأنه لا إله إلا أنا، أي: مروهم بالتوحيد مع تخويفهم إن لم يقروا.
خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين (4) قوله تعالى: (خلق الإنسان من نطفة) قال المفسرون: أخذ أبي بن خلف عظما رميما، فجعل يفته ويقول: يا محمد كيف يبعث الله هذا بعدما رم؟ فنزلت فيه هذه الآية. والخصيم:
المخاصم، والمبين: الظاهر الخصومة.
والمعنى: أنه مخلوق من نطفة، وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث، أفلا يستدل بأوله على آخره، وأن من قدر على إيجاده أولا، يقدر على إعادته ثانيا؟! وفيه تنبيه علي إنعام الله عليه حين نقله من حال ضعف النطفة إلى القوة التي أمكنه معها الخصام.
والأنعام خلقها لكم فيها دف ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون (6) وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم