قوله تعالى: (ولما بلغ أشده) قد ذكرنا معنى الأشد في [سورة]، واختلف العلماء في المراد به ها هنا على ثمانية أقوال:
أحدها: أنه ثلاث وثلاثون سنة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وبه قال مجاهد، وقتادة.
والثاني: ثماني عشرة سنة، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة.
والثالث: أربعون سنة، قاله الحسن.
والرابع: بلوغ الحلم، قاله الشعبي، وربيعة، وزيد بن أسلم، وابنه.
والخامس: عشرون سنة، قاله الضحاك.
والسادس: أنه من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين، قاله الزجاج.
والسابع: أنه بلوغ ثمان وثلاثين سنة، حكاه ابن قتيبة.
والثامن: ثلاثون سنة، ذكره بعض المفسرين.
قوله تعالى: (آتيناه حكما) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه الفقه والعقل، قاله مجاهد.
والثاني: النبوة، قاله ابن السائب.
والثالث: أنه جعل حكيما، قاله الزجاج، قال: وليس كل عالم حكيما، إنما الحكيم:
العالم المستعمل علمه، الممتنع به من استعمال ما يجهل فيه.
والرابع: أنه الإصابة في القول: ذكره الثعلبي. قال اللغويون: الحكم عند العرب ما يصرف عن الجهل والخطأ، ويمنع منهما، ويرد النفس عما يشينها ويعود عليها بالضرر، ومنه:
حكمة الدابة. وأصل أحكمت في اللغة: منعت، وسمي الحاكم حاكما، لأنه يمنع من الظلم والزيغ.
وفي المراد بالعلم ها هنا قولان:
أحدهما: الفقه.
والثاني: علم الرؤيا.
قوله تعالى: (وكذلك نجزي المحسنين) أي: ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف وحراسته، نثيب من أحسن عمله، واجتنب المعاصي، فننجيه من الهلكة، ونستنقذه من الضلالة ونجعله من أهل العلم والحكمة كما فعلنا بيوسف.