هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال (12) قوله تعالى: (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) فيه أربعة أقوال:
أحدها: خوفا للمسافر وطمعا للمقيم، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال قتادة: فالمسافر خاف أذاه ومشقته والمقيم يرجو منفعته.
والثاني: خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال الحسن.
والثالث: خوفا للبلد الذي يخاف ضرر المطر وطمعا لمن يرجو الانتفاع به، ذكره الزجاج.
والرابع: خوفا من العقاب وطمعا في الثواب، ذكره الماوردي. وكان ابن الزبير إذا سمع صوت الرعد يقول إن هذا وعيد شديد لأهل الأرض.
قوله تعالى: (وينشئ السحاب الثقال) أي: ويخلق السحاب الثقال بالماء. قال الفراء: السحاب، وإن كان لفظه واحدا، فإنه جمع واحدته سحابة، جعل نعته على الجمع، كما قال (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) ولم يقل: أخضر، ولا حسن.
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (13) قوله تعالى: (ويسبح الرعد بحمده) فيه قولان:
أحدهما: أنه اسم الملك الذي يزجر السحاب، وصوته: تسبيحه، قاله مقاتل.
والثاني: أنه الصوت المسموع. وإنما خص الرعد بالتسبيح، لأنه من أعظم الأصوات. قال ابن الأنباري: وإخباره عن الصوت بالتسبيح مجاز، كما يقول القائل: قد غمني كلامك.
قوله تعالى: (والملائكة من خيفته) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الله [عز وجل]، وهو الأظهر. قال ابن عباس: يخافون الله، وليس كخوف ابن آدم، لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره، ولا يشغله عن عبادة الله شئ.
والثاني: أنها ترجع إلى الرعد، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في أربد بن قيس، وعامر بن الطفيل، أتيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان