والرابع: ظلال الشجر والجبال]، قاله ابن قتيبة:
والخامس: أنه كل شئ له ظل من حائط، وسقف، وشجر، وجبل، وغير ذلك، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: (وجعل لكم من الجبال أكنانا) أي: ما يكنكم من الحر والبرد، وهي الغيران والأسراب. وواحد الأكنان " كن " وكل شئ وقى شيئا وستره فهو " كن ". (وجعل لكم سرابيل) وهي القمص (تقيكم الحر) ولم يقل: البرد، لأن ما وقى من الحر، وقى من البرد، وأنشد:
وما أدري إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني وقال الزجاج: إنما خص الحر، لأنهم كانوا في مكاناتهم أكثر معاناة له من البرد، وهذا مذهب عطاء الخراساني.
قوله تعالى: (وسرابيل تقيكم بأسكم) يريد الدروع التي يتقون بها شدة الطعن والضرب في الحرب.
قوله تعالى: (كذلك يتم نعمته عليكم) أي: مثلما أنعم الله عليكم بهذه الأشياء، يتم نعمته عليكم في الدنيا (لعلكم تسلمون) والخطاب لأهل مكة، وكان أكثرهم حينئذ كفارا، ولو قيل: إنه خطاب للمسلمين، فالمعنى: لعلكم تدومون على الإسلام، وتقومون بحقه. وقرأ ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وأبو رجاء: " لعلكم تسلمون " بفتح التاء واللام، على معنى: لعلكم إذا لبستم الدروع تسلمون من الجراح في الحرب.
قوله تعالى: (فإن تولوا) أعرضوا عن الإيمان (فإنما عليك البلاغ المبين) وهذه عند المفسرين منسوخة بآية السيف.
قوله تعالى: (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) وفي هذه النعمة قولان:
أحدهما: أنها [المساكن] نعم الله عز وجل عليهم في الدنيا. وفي إنكارها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم يقولون: هذه ورثناها عن آبائنا. روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:
نعم الله المساكن، والأنعام، وسرابيل الثياب، والحديد، يعرفه كفار قريش، ثم ينكرونه بأن يقولوا: هذا كان لآبائنا ورثناه عنهم، وهذا عن مجاهد.
والثاني: أنهم يقولون: لولا فلان، لكان كذا، فهذا إنكارهم، قال عون بن عبد الله.
والثالث: يعرفون أن النعم من الله، ولكن يقولون: هذه بشفاعة آلهتنا، قاله ابن السائب، والفراء، وابن قتيبة.