قوله تعالى: (وظن أهلها) أي: أيقن أهل الأرض (أنهم قادرون عليها) أي: على ما انبتته، فأخبر عن الأرض، والمراد النبات، لأن المعنى مفهوم. (أتاها أمرنا) أي: قضاؤنا بإهلاكها (فجعلناها حصيدا) أي: محصودا لا شئ فيها. والحصيد: المقطوع المستأصل.
(كأن لم تغن بالأمس) قال الزجاج: لم تعمر. والمغاني: المنازل التي يعمرها الناس بالنزول فيها. يقال: غنينا بالمكان: إذا نزلوا به. وقرأ الحسن: (كأن لم يغن) بالياء، يعني الحصيد.
قال بعض المفسرين: تأويل الآية: أن الحياة في الدنيا سبب لاجتماع المال وما يروق من زهرة الدنيا ويعجب، حتى إذا استتم ذلك عند صاحبه، وظن أنه ممتع بذلك، سلب عنه بموته، أو بحادثة تهلكه، كما أن الماء سبب لالتفاف النبات وكثرته، فإذا تزينت به الأرض، وظن الناس أنهم مستمتعون بذلك، أهلكه الله، فعاد ما كان فيها كأن لم يكن.
* * * والله يدعوا إلى دار السلم ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (25) * للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحب الجنة هم فيها خالدون (26) قوله تعالى: (والله يدعوا إلى دار السلام): يعني الجنة. وقد ذكرنا معنى تسميتها بذلك عند قوله: (لهم دار السلام عند ربهم). واعلم أن الله عم بالدعوة، وخص بالهداية من شاء، لأن الحكم له في خلقه.
وفي المراد بالصراط المستقيم أربعة أقوال:
أحدها: كتاب الله، رواه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.