قوله تعالى: (ولا يلتفت منكم أحد) فيه قولان:
أحدهما: أنه بمعنى: لا يتخلف منكم أحد، قاله أبو صالح عن ابن عباس، والثاني: أنه الالتفات المعروف، قاله مجاهد، ومقاتل.
قوله تعالى: (إلا امرأتك) قرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بنصب التاء. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن جماز عن أبي جعفر برفع التاء. قال الزجاج: من قرأ بالنصب، فالمعنى: فأسر بأهلك إلا امرأتك. ومن قرأ بالرفع، حمله على " ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ". وإنما أمروا بترك الالتفات لئلا يروا عظيم ما ينزل بهم من العذاب. قال ابن الأنباري: وعلى قراءة الرفع، يكون الاستثناء منقطعا، معناه: لكن امرأتك، فإنها تلتفت فيصيبها ما أصابهم، فإذا كان استثناء منقطعا، كان التفاتها معصية لربها، لأنه ندب إلى ترك الالتفاف. قال قتادة: ذكر لنا أنها كانت مع لوط حين خرج من القرية، فلما سمعت هدة العذاب، التفتت فقالت: وا قوماه، فأصابها حجر فأهلكها، وهو قوله: (إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم) للعذاب (الصبح).
قوله تعالى: (أليس الصبح بقريب) قال المفسرون: قالت الملائكة: (إن موعدهم الصبح) فقال: أريد أعجل من ذلك، فقالوا له: (أليس الصبح بقريب)؟
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود (82) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد (83) قوله تعالى: (فلما جاء أمرنا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أمر الله الملائكة بعذابهم.
والثاني: أن الأمر بمعنى العذاب.
والثالث: أنه بمعنى القضاء بعذابهم.
قوله تعالى: (جعلنا عاليها سافلها) الكناية تعود إلى المؤتفكات، وهي قرى قوم لوط، وقد ذكرناها في [سورة] براءة، ونحن نشير إلى قصة هلاكهم ها هنا. قال ابن عباس: أمر جبريل لوطا بالخروج، وقال: اخرج وأخرج غنمك وبقرك، فقال: كيف لي بذلك وقد أغلقت أبواب المدينة؟ فبسط جناحه، فحمله وبنتيه ومالهم من شئ، فأخرجهم من المدينة، وسأل جبريل ربه، فقال: يا رب ولني هلاك هؤلاء القوم، فأوحى الله إليه أن تول هلاكهم، فلما أن بدا