فتمجه في السحاب ثم تمريه *، فيدر كما تدر اللقحة. وقال الضحاك: يبعث الله الرياح على السحاب فتلقحه فيمتلئ ماء. قال النخعي: تلقح السحاب ولا تلقح الشجر. وقال الحسن في آخرين: تلقح السحاب والشجر، يعنون أنها تلقح السحاب حتى يمطر والشجر حتى يثمر.
قوله تعالى: (فأنزلنا من السماء) يعني السحاب (ماء) يعني المطر (فأسقيناكموه) أي:
جعلناه سقيا لكم. قال الفراء: العرب مجتمعون على أن يقولوا: سقيت الرجل، فأنا أسقيه: إذا سقيته لشفته، فإذا أجروا للرجل نهرا قالوا: أسقيته وسقيته، وكذلك السقيا من الغيث، قالوا فيها:
سقيت وأسقيت، وقال أبو عبيدة: كل ما كان من السماء، ففيه لغتان: أسقاه الله، وسقاه الله، قال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى * نميرا والقبائل من هلال فجاء باللغتين. وتقول: سقيت الرجل ماء وشرابا من لبن وغيره، وليس فيه إلا لغة واحدة بغير ألف، إذا كان في الشفة، وإذا جعلت له شربا، فهو: أسقيته، وأسقيت أرضه، وإبله، ولا يكون غير هذا، وكذلك إذا استسقيت له، كقول ذي الرمة:
وقفت على رسم لمية ناقتي * فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه * تكلمني أحجاره وملاعبه فإذا وهبت له إهابا ليجعله سقاء، فقد أسقيته إياه.
قوله تعالى: (وما أنتم له) يعني: الماء المنزل (بخازنين) وفيه قولان:
أحدهما: بحافظين، أي: ليست خزائنه بأيديكم، قاله مقاتل.
والثاني: بمانعين، قاله سفيان الثوري.
قوله تعالى: (ونحن الوارثون) يعني: أنه الباقي بعد فناء الخلق.
ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (24) وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم (25) قوله تعالى: (ولقد علمنا المستقدمين) يقال: استقدم الرجل، بمعنى: تقدم، واستأخر، بمعنى: تأخر، وفي سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن امرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بعضهم يستقدم حتى يكون