والثاني: أنه التخوف نفسه، ثم فيه قولان:
أحدهما: يأخذهم على خوف أن يعاقب أو يتجاوز، قاله قتادة.
والثاني: أنه يأخذ قرية لتخاف القرية الأخرى، قاله الضحاك. وقال الزجاج: يأخذهم بعد أن يخيفهم بأن يهلك قرية فتخاف التي التي تليها، فعلى هذا خوفهم قبل هلاكهم، فلم يتوبوا، فاستحقوا العذاب.
قوله تعالى: (فإن ربكم لرؤوف رحيم) إذ لم يعجل بالعقوبة، وأمهل للتوبة.
أولم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيئ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون (48) ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون (49) يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون (50) قوله تعالى: (أولم يروا) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " أولم يروا " بالياء وقرأ حمزة، والكسائي: " تروا " بالتاء، واختلف عن عاصم.
قوله تعالى: (إلى ما خلق الله من شئ) أراد من شئ له ظل، من جبل، أو شجر، أو جسم قائم (يتفيأ) قرأ الجماعة بالياء، وقرأ أبو عمرو، ويعقوب بالتاء (ضلاله) وهو جمع ظل، وإنما جمع وهو مضاف إلى واحد، لأنه واحد يراد به الكثرة، كقوله تعالى: (لتستووا على ظهوره) قال ابن قتيبة: ومعنى يتفيأ ظلاله: يدور ويرجع من جانب إلى جانب، والفئ: الرجوع، ومنه قيل للظل بالعشي: فئ، لأنه فاء عن المغرب إلى المشرق، قال المفسرون: إذا طلعت الشمس وأنت متوجه إلى القبلة، كان الظل قدامك، فإذا ارتفعت كان عن يمينك، فإذا كان بعد ذلك كان خلفك، وإذا دنت للغروب كان على يسارك، وإنما وحد اليمين، والمراد به: الجمع، ايجازا في اللفظ، كقوله تعالى: (ويولون الدبر)، ودلت " الشمائل " على أن المراد به الجميع، وقال الفراء: إنما وحد اليمين، وجمع الشمائل، ولم يقل: الشمال، لأن كل ذلك جائز في اللغة، وأنشد:
الواردون وتيم في ذرى سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس