والثاني: أنه بمعنى الولي، إذا قلنا: إنه الصنم، فالمعنى: وهو ثقل على وليه الذي يخدمه ويزينه. ويخرج في معنى " أينما يوجهه " قولان: إن قلنا: إنه رجل، فالمعنى: أينما يرسله.
والتوجيه: الإرسال في وجه من الطريق. وإن قلنا: إنه الصنم، ففي معنى الكلام قولان:
أحدهما: أينما يدعوه، لا يجيبه، قاله مقاتل.
والثاني: أينما توجه تأميله إياه ورجاه له، لا يأته ذلك بخير، فحذف التأميل، وخلفه الصنم، كقوله: (ما وعدتنا على رسلك) أي: على ألسنة رسلك. وقرأ البزي عن ابن محيصن " أينما توجهه " بالتاء على الخطاب. فأما قوله: (لا يأت بخير) فإن قلنا: هو رجل، فإنما كان كذلك، لأنه لا يفهم ما يقال له، ولا يفهم عنه، إما لكفره وجحوده، أو لبكم به. وإن قلنا: إنه الصنم، فلكونه جمادا. (هل يستوي هو) أي: هذا الأبكم (ومن يأمر بالعدل) أي:
ومن هو قادر على التكلم، ناطق بالحق.
ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير (77) قوله تعالى: (ولله غيب السماوات والأرض) قد ذكرناه في آخر (هود) وسبب نزول هذه الآية أن كفار مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى الساعة؟ فنزلت هذه، قاله مقاتل. وقال ابن السائب:
المراد بالغيب ها هنا: قيام الساعة.
قوله تعالى: (وما أمر الساعة) يعني: القيامة (إلا كلمح البصر) واللمح: النظر بسرعة، والمعنى: إن القيامة في سرعة قيامها وبعث الخلائق، كلمح العين، لأن الله تعالى يقول: (كن فيكون) أو هو أقرب) قال مقاتل: بل هو أسرع. وقال الزجاج: ليس المراد أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر، ولكنه يصف سرعة القدرة على الإتيان بها متى شاء.
والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون (78)