والثاني: وإنه لذو علم أن دخلوهم من أبواب متفرقة لا يغني عنهم من الله شيئا، قاله الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: وإنه لعامل بما علم، قاله قتادة. وقال ابن الأنباري: سمي العمل علما، لأن العلم أول أسباب العمل.
والرابع: وإنه لمتيقن لوعدنا، قاله الضحاك.
والخامس: وإنه لحافظ لوصيتنا، قاله ابن السائب.
والسادس: وإنه لعالم بما علمناه أنه لا يصيب بنيه إلا ما قضاه الله، قاله مقاتل.
والسابع: وإنه لذو علم لتعليمنا إياه، قاله الفراء.
ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون (69) قوله تعالى: (ولما دخلوا على يوسف) يعني إخوته (آوى إليه أخاه) يعني بنيامين، وكان أخاه لأبيه وأمه، قاله قتادة، وضمه إليه وأنزله معه. قال ابن قتيبة: يقال: آويت فلانا إلي، بمد الألف: إذا ضممته إليك، وأويت إلى بني فلان، بقصر الألف: إذا لجأت إليهم. وفي قوله: (قال إني أنا أخوك) قولان:
أحدهما: أنهم لما دخلوا عليه حبسهم بالباب، وأدخل أخاه، فقال له: ما اسمك؟ فقال:
بنيامين، قال: فما اسم أمك؟ قال: راحيل بنت لاوي، فوثب إليه فاعتنقه، فقال: " إني أنا أخوك "، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وكذلك قال ابن إسحاق: أخبره أنه يوسف.
والثاني: أنه لم يعترف له بذلك، وإنما قال: أنا أخوك مكان أخيك الهالك، قاله وهب بن منبه. وقيل: إنه أجلسهم كل اثنين على مائدة، فبقي بنيامين وحيدا يبكي، وقال: لو كان أخي حيا لأجلسني معه، فضمه يوسف إليه وقال: إني أرى هذا وحيدا، فأجسله معه على مائدته، فلما جاء الليل، نام كل اثنين على منام، فبقي وحيدا، فقال يوسف: هذا ينام معي. فلما خلا به، قال: هل لك أخ من أمك؟ قال: كان لي أخ من أمي فهلك، فقال: أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك؟ فقال: أيها الملك، ومن يجد أخا مثلك؟ ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل، فبكى يوسف، وقام إليه فاعتنقه، وقال: (إني أنا أخوك) يوسف (فلا تبتئس) قال قتادة: لا تأس ولا تحزن، وقال الزجاج: لا تحزن ولا تستكن. قال ابن الأنباري: " تبتئس ":
تفتعل، من البؤس، وهو الضر والشدة، أي: لا يلحقنك بؤس بالذي فعلوا.
قوله تعالى: (بما كانوا يعملون) فيه ثلاثة أقوال: