قوله تعالى: (بل سولت) أي: زينت (لكم أنفسكم أمرا) غير ما تصفون (فصبر جميل) قال الخليل: المعنى: فشأني صبر جميل، والذي أعتقده صبر جميل. وقال الفراء:
الصبر مرفوع، لأنه عزى نفسه وقال: ما هو إلا الصبر، ولو أمرهم بالصبر، لكان نصبا. وقال قطرب: المعنى: فصبري صبر جميل. وقرأ ابن مسعود، وأبي، وأبو المتوكل: " فصبرا جميلا " بالنصب. قال الزجاج: والصبر الجميل لا جزع فيه، ولا شكوى إلى الناس.
قوله تعالى: (والله المستعان على ما تصفون) فيه قولان:
أحدهما: على ما تصفون من الكذب.
والثاني: على احتمال ما تصفون.
وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون (19) قوله تعالى: (وجاءت سيارة) أي: قوم يسيرون (فأرسلوا واردهم) قال الأخفش: أنث السيارة وذكر الوارد، لأن السيارة في المعنى للرجال. وقال الزجاج: الوارد: الذي يرد الماء ليستقي للقوم.
وفي اسم هذا الوارد قولان:
أحدهما: مالك بن ذعر بن يؤيب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: مجلث بن رعويل، قاله وهب بن منبه.
قوله تعالى: (فأدلى دلوه) أي: أرسلها. قال الزجاج: يقال: أدليت الدلو: إذا أرسلتها لتملأها، ودلوتها: إذا أخرجتها. (قال يا بشراي) قرأه ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " يا بشراي " بفتح الياء وإثبات الألف. وروى ورش عن نافع " بشراي " و " محياي " و " مثواي " بسكون الياء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي " يا بشرى " بألف بغير ياء. وعاصم بفتح الراء، وحمزة، والكسائي يميلانها. قال الزجاج: من قرأ " يا بشراي " فهذا النداء تنبيه للمخاطبين، لأن البشرى لا تجيب ولا تعقل، فالمعنى: أبشروا، ويا أيها البشرى هذا من أوانك، وكذلك إذا قلت: يا عجباه، فكأنك قلت: اعجبوا، ويا أيها العجب هذا من حينك، وقد شرحنا هذا المعنى.