والثاني: ما أظهر الله في قصة يوسف من عواقب البغي عليه.
والثالث: صدق رؤياه وصحة تأويله.
والرابع: ضبط نفسه وقهر شهوته حتى قام بحق الأمانة.
والخامس: حدوث السرور بعد اليأس.
فإن قيل: لم خص السائلين، ولغيرهم فيها آيات أيضا؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن المعنى: للسائلين، وغيرهم، فاكتفى بذكر السائلين من غيرهم، كما اكتفى بذكر الحر من البرد في قوله [تعالى]: (تقيكم الحر).
والثاني: أنه إذا كان للسائلين عن خبر يوسف آية، كان لغيرهم آية أيضا، وإنما خص السائلين، لأن سؤالهم نتج الأعجوبة وكشف الخبر.
إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين (8) قوله تعالى: (إذ قالوا) يعني إخوة يوسف. (ليوسف وأخوه) يعنون بن يامين. وإنما قيل له: ابن يامين، لأن أمه ماتت نفساء. ويامين بمعنى الوجع، وكان أخاه لأمه وأبيه. والباقون إخوته لأبيه دون أمه.
فأما العصبة، فقال الزجاج: هي في اللغة الجماعة الذين أمرهم واحد يتابع بعضهم بعضا في الفعل، ويتعصب بعضهم لبعض.
وللمفسرين في العصبة ستة أقوال:
أحدها: أنها ما كان أكثر من عشرة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنها ما بين العشرة إلى الأربعين، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال قتادة.
والثالث: أنها ستة أو سبعة، قاله سعيد بن جبير.
والرابع: أنها من عشرة إلى خمسة عشر، قاله مجاهد.
والخامس: الجماعة، قاله ابن زيد، وابن قتيبة، والزجاج.
والسادس: عشرة، قاله مقاتل. وقال الفراء: العصبة عشرة فما زاد.
قوله تعالى: (إن أبانا لفي ضلال مبين) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لفي خطأ من رأيه، قاله ابن زيد.
والثاني: في شقاء، قاله مقاتل، والمراد به عناء الدنيا.
والثالث: لفي ضلال عن طريق الصواب الذي يقتضي تعديل المحبة بيننا، لأن نفعنا له