قوله تعالى: (ولئن أخرنا عنهم العذاب) قال المفسرون: هؤلاء كفار مكة، والمراد بالأمة المعدودة: الأجل المعلوم، والمعنى: إلى مجئ أمة وانقراض أخرى قبلها. (ليقولن ما يحبسه) وإنما قالوا ذلك تكذيبا واستهزاء.
قوله تعالى: (ألا يوم يأتيهم) وقال: (ليس مصروفا عنهم). وقال بعضهم: لا يصرف عنهم العذاب إذا أتاهم. وقال آخرون: إذا أخذتهم سيوف رسول (الله صلى الله عليه وسلم) لم تغمد عنهم حتى يباد أهل الكفر وتعلو كلمة الإخلاص.
قوله تعالى: (وحاق بهم) قال أبو عبيدة: نزل بهم وأصابهم.
وفي قوله: (ما كانوا به يستهزؤون) قولان:
أحدهما: انه الرسول (صلى الله عليه وسلم) والكتاب، قاله أبو صالح عن ابن عباس، فيكون المعنى:
حاق بهم جزاء استهزائهم.
والثاني: أنه العذاب، كانوا يستهزئون بقولهم: (ما يحبسه)، وهذا قول مقاتل.
* * * ولين أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤس كفور (9) قوله تعالى: (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة. قاله ابن عباس.
والثاني: في عبد الله بن أبي أمية المخزومي، ذكره الواحدي.
والثالث: أن الإنسان هاهنا اسم جنس، والمعنى: ولئن أذقنا الناس، قاله الزجاج.
والمراد بالرحمة: النعمة، من العافية، والمال، والولد. واليؤوس: القنوط، قال أبو عبيدة: هو فعول من يئست. قال مقاتل: إنه ليؤوس عند الشدة من الخير، كفور لله في نعمه في الرخاء.
* * * ولين أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور (10) قوله تعالى: (ولئن أذقناه نعماء) قال ابن عباس: صحة وسعة في الرزق. (بعد ضراء) بعد مرض وفقر. (ليقولن ذهب السيئات عني) يريد الضر والفقر. (إنه لفرح) أي: بطر.
(فخور) قال ابن عباس: يفاخر أوليائي بما أوسعت عليه.
فإن قيل: ما وجه عيب الإنسان في قوله: (ذهب السيئات عني)، وما وجه ذمه على الفرح، وقد وصف الله الشهداء فقال (تعالى): (فرحين)؟