فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: إنما عابه بقوله: (ذهب السيئات عني) لأنه لم يعترف بنعمة الله، ولم يحمده على ما صرف عنه. وإنما ذمه بهذا الفرح، لأنه يرجع إلى معنى المرح والتكبر عن طاعة الله، قال الشاعر:
ولا ينسيني الحدثان عرضي * ولا ألقي من الفرح الإزارا يعني من المرح. وفرح الشهداء فرح لا كبر فيه ولا خيلاء، بل هو مقرون بالشكر فهو مستحسن.
* * * إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير (11) قوله تعالى: (إلا الذين صبروا) قال الفراء: هذا الاستثناء من الإنسان، لأنه في معنى الناس، كقوله: (إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا) وقال الزجاج: هذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن الذين صبروا. قال ابن عباس: الوصف الأول للكافر، والذين صبروا أصحاب محمد عليه السلام.
* * * فلعلك تارك بعض ما يوحي إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شئ وكيل (12) قوله تعالى: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) سبب نزولها أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (أئت بقرآن غير هذا أو بدله)، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسمعهم عيب آلهتهم رجاء أن يتبعوه، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. وفي معنى الآية قولان:
أحدهما: فلعلك تارك تبليغ بعض ما يوحى إليك من أمر الآلهة، وضائق بما كلفته من ذلك صدرك، خشية أن يقولوا. لولا أنزل عليه كنز.
والثاني: فلعلك لعظيم ما يرد على قلبك من تخليطهم تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر ربك. فأما الضائق، فهو بمعنى الضيق. قال الزجاج: ومعنى (أن يقولوا):
كراهية أن يقولوا: وإنما عليك أن تنذرهم بما يوحى إليك، وليس عليك أن تأتيهم باقتراحهم من الآيات.
قوله تعالى: (والله على كل شئ وكيل) فيه قولان: