يفضوا إلى السماء في الخلاء ومجامعة النساء. فتثنوني: تفعوعل، وهو فعل للصدور، معناه:
المبالغة في تثني الصدور، كما تقول العرب: احلولى الشئ، يحلولي: إذا بالغوا في وصفه بالحلاوة، قال عنترة:
ألا قاتل الله الطلول البواليا * وقاتل ذكراك السنين الخواليا وقولك للشئ الذي لا تناله * إذا ما هو احلولي ألا ليت ذا ليا فعلى هذا القول، هو في حق المؤمنين، وعلى بقية الأقوال: هو في حق المنافقين. وقد خرج من هذه الأقوال في معنى (يثنون صدورهم) قولان:
أحدهما: أنه حقيقة في الصدور.
والثاني: أنه كتمان ما فيها.
قوله تعالى: (ليستخفوا منه) في هاء (منه) قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الله تعالى.
والثاني: إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (ألا حين يستغشون ثيابهم) قال أبو عبيدة: العرب تدخل (ألا) توكيدا وإيجابا وتنبيها. قال ابن قتيبة: (يستغشون ثيابهم): أي: يتغشونها ويستترون بها. قال قتادة:
أخفى ما يكون ابن آدم، إذا حنى ظهره، واشتغشى ثيابه، وأضمر همه في نفسه. قال ابن الأنباري: أعلم الله أنه يعلم سرائرهم كما يعلم مظهراتهم.
قوله تعالى: (إنه عليم بذات الصدور) قد شرحنا في (سورة) آل عمران.
* وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتب مبين (6) وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفورا إن هذا إلا سحر مبين (7) قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض) قال أبو عبيدة: (من) من حروف الزوائد، والمعنى: وما دابة، والدابة: اسم لكل حيوان يدب. وقوله (تعالى) (إلا على الله رزقها) قال العلماء: فضلا منه، لا وجوبا عليه. و (على) هاهنا بمعنى (من). وقد ذكرنا المستقر والمستودع في سورة الأنعام.