(للذين اتقوا) الشرك. قال الفراء: أضيفت الدار إلى الآخرة، وهي الآخرة، لأن العرب قد تضيف الشئ إلى نفسه إذا اختلف لفظه، كقوله: (لهو حق اليقين) والحق: هو اليقين، وقولهم: أتيتك عام الأول، ويوم الخميس.
قوله تعالى: (أفلا يعقلون) قرأ أهل المدينة، وابن عامر، وحفص، والمفضل، ويعقوب: " تعقلون " بالتاء، وقرأ الآخرون بالياء، والمعنى: أفلا يعقلون هذا فيؤمنوا.
حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين (110) قوله تعالى: (حتى إذا استيأس الرسل) المعنى متعلق بالآية الأولى، فتقديره: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا، فدعوا قومهم، فكذبوهم، وصبروا وطال دعاؤهم وتكذيب قومهم حتى إذا استيأس الرسل، وفيه قولان:
أحدهما: استيأسوا من تصديق قومهم، قاله ابن عباس.
والثاني: من أن نعذب قومهم، قاله مجاهد. (وظنوا أنهم قد كذبوا) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " كذبوا " مشددة الذال مضمومة الكاف، والمعنى: وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم، فيكون الظن ها هنا بمعنى اليقين، هذا قول الحسن، وعطاء، وقتادة. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " كذبوا " خفيفة، والمعنى: ظن قومهم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوا به من النصر، لأن الرسل لا يظنون ذلك. وقرأ أبو رزين، ومجاهد، والضحاك: " كذبوا " بفتح الكاف والذال خفيفة، والمعنى: ظن قومهم أيضا أنهم قد كذبوا، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (جاءهم نصرنا) يعني: الرسل (فننجي من نشاء) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " فننجي " بنونين، الأولى مضمومة والثانية ساكنة والياء ساكنة.
وقرأ ابن عامر، وأبو بكر، وحفص، جميعا عن عاصم، ويعقوب: " فنجي " مشدده الجيم مفتوحة الياء بنون واحدة، يعني: المؤمنين، نجوا عند نزول العذاب.
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (111)