وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين (78) وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم (79) فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون (80) فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين (81) ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون (82) قوله تعالى: (فلما جاءهم الحق من عندنا) وهو ما جاء به موسى من الآيات.
قوله تعالى: (أسحر هذا) قال الزجاج: المعنى: أتقولون للحق لما جاءكم هذا اللفظ، وهو قولهم: (إن هذا لسحر مبين). ثم قررهم فقال: (أسحر هذا)؟. قال ابن الأنباري:
إنما أدخلوا الألف على جهة تفظيع الأمر، كما يقول الرجل إذا نظر إلى الكسوة الفاخرة: أكسوة هذه؟ يريد بالاستفهام تعظيمها، وتأتي الرجل جائزة، فيقول: أحق ما أرى؟ معظما لما ورد عليه. وقال غيره: تقدير الكلام: أتقولون للحق لما جاءكم: هو سحر؟ أسحر هذا؟ فحذف السحر الأول اكتفاء بدلالة الكلام عليه، كقوله: (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم) المعنى: بعثناهم ليسوؤوا وجوهكم.
قوله تعالى: (أجئتنا لتلفتنا) قال ابن قتيبة: لتصرفنا. يقال: لفت فلانا عن كذا: إذا صرفته. ومنه الالتفات، وهو الانصراف عما كنت مقبلا عليه.
قوله تعالى: (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) وروى أبان، وزيد عن يعقوب (ويكون لكما) بالياء. وفي المراد بالكبرياء ثلاثة أقوال:
أحدها: الملك والشرف، قاله ابن عباس.
والثاني: الطاعة، قاله الضحاك.
والثالث: العلو، قاله ابن زيد. قال ابن عباس: والأرض هاهنا: أرض مصر.
قوله تعالى: (بكل ساحر) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف (بكل سحار) بتشديد الحاء وتأخير الألف.
قوله تعالى: (ما جئتم به السحر) قرأ الأكثرون (السحر) بغير مد، على لفظ الخبر، والمعنى: الذي جئتم به من الحبال والعصي، هو السحر، وهذا رد لقولهم للحق: هذا سحر:
فتقديره: الذي جئتم به السحر، فدخلت الألف واللام، لأن النكرة إذا عادت، عادت معرفة، كما تقول: رأيت رجلا، فقال لي الرجل. وقرأ مجاهد، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وابان عن عاصم،