أحدهما: الكآبة، قاله ابن عباس.
والثاني: الهوان، قاله أبو سليمان.
* * * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (27) قوله تعالى: (والذين كسبوا السيئات) قال ابن عباس: عملوا الشرك. (جزاء سيئة بمثلها): في الآية محذوف، وفي تقديره قولان:
أحدهما: أن فيها إضمار (لهم)، المعنى: لهم جزاء سيئة بمثلها وأنشد ثعلب:
فإن سأل الواشون عنه فقل لهم * وذاك عطاء للوشاة جزيل ملم بليلى لمة ثم إنه * لهاجر ليلى بعدها فمطيل أراد: هو ملم، وهذا قول الفراء.
والثاني: أن فيها إضمار (منهم)، المعنى: جزاء سيئة منهم بمثلها، تقول العرب: رأيت القوم صائم وقائم، أي: منهم صائم وقائم، أنشد الفراء:
حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس * وغودر البقل ملوي ومحصود أي: منه ملوي، وهذا قول ابن الأنباري. وقال بعضهم: الباء زائدة هاهنا، و (من) في قوله (تعالى): (من عاصم) صلة، والعاصم: المانع.
(كأنما أغشيت وجوههم): أي: ألبست (قطعا) قرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة: (قطعا) مفتوحة الطاء، وهي جمع قطعة. وقرأ ابن كثير، والكسائي، ويعقوب: (قطعا) بتسكين الطاء. قال ابن قتيبة: وهو اسم ما قطع.
قال ابن جرير: وإنما قال: (مظلما) ولم يقل: (مظلمة) لأن المعنى: قطعا من الليل المظلم، ثم حذفت الألف واللام من (المظلم)، فلما صار نكره، وهو من نعت الليل، نصب على القطع: وقوم يسمون ما كان كذلك حالا، وقوم قطعا.
* * *