إن عمرا لمنطلق، فيخففون " إن " ويعملونها، وأنشد:
ووجه حسن النحر * كأن ثدييه حقان وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم: " وإن " خفيفة، " لما " مشددة، والمعنى: وما كلا إلا، وهذا كما تقول: سألتك لما فعلت، وإلا فعلت، ومثله قوله: (إن كل نفس لما عليها حافظ) وقرأ حمزة، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " وإن " بالتشديد، " لما " بالتشديد أيضا. قال أبو علي: هذه قراءة مشكلة، لأنه كما لا يحسن: إن زيدا إلا منطلق، كذلك لا يحسن تثقيل " إن " وتثقيل " لما ". وحكى عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل في " لما "، ولم يبعد فيما قال. وقال مكي بن أبي طالب: الأصل فيها " لمن ما " ثم أدغمت النون في الميم، فاجتمعت ثلاث ميمات في اللفظ، فحذفت الميم المكسورة، والتقدير: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم. قال:
وقيل: التقدير: " لمن ما " بفتح الميم في " من " فتكون " ما " زائدة، وتحذف إحدى الميمات لتكرير الميم في اللفظ، والتقدير: لخلق ليوفينهم، ومعنى الكلام: ليوفينهم جزاء أعمالهم.
فاستقيم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير (112) قوله تعالى: (فاستقم كما أمرت) قال ابن عيينة: استقم على القرآن. وقال ابن قتيبة:
امض على ما أمرت به.
قوله تعالى: (ومن تاب معك) قال ابن عباس: من تاب معك من الشرك.
قوله تعالى: (ولا تطغوا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا تطغوا في القرآن، فتحلوا وتحرموا ما لم آمركم به، قاله ابن عباس.
والثاني: لا تعصوا ربكم ولا تخالفوه، قاله ابن زيد.
والثالث: لا تخلطوا التوحيد بشك، قاله مقاتل.
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون (113) قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) روى عبد الوارث عن أبي عمرو: " تركنوا " بفتح التاء وضم الكاف، وهي قراءة قتادة. وروى هارون عن أبي عمرو " تركنوا " بفتح التاء وكسر الكاف. وروى محبوب عن أبي عمرو: " تركنوا " بكسر التاء وفتح الكاف. وقرأ ابن أبي عبلة " تركنوا " بضم التاء وفتح الكاف على ما لم يسم فاعله. وفي المراد بهذا الركون أربعة أقوال.