قوله تعالى: (الذين يوفون بعهد الله) في هذا العهد قولان:
أحدهما: أنه ما عاهدهم عليه حين استخرجهم من ظهر آدم.
والثاني: ما أمرهم به وفرضه عليهم. وفي الذي أمر الله به، [عز وجل]، أن يوصل، ثلاثة أقوال قد نسبناها إلى قائلها في أول سورة (البقرة)، وقد ذكرنا سوء الحساب آنفا.
والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار (22) جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب (23) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار (24) قوله تعالى: (والذين صبروا) أي: على ما أمروا به (ابتغاء وجه ربهم) أي: طلبا لرضاه (وأقاموا الصلاة) أتموها (وأنفقوا مما رزقناهم) من الأموال في طاعة الله. قال ابن عباس: يريد بالصلاة: الصلوات الخمس، وبالإنفاق: الزكاة.
قوله تعالى: (ويدرؤون) أي: يدفعون (بالحسنة السيئة). وفي المراد بهما خمسة أقوال:
أحدها: يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل، قاله ابن عباس.
والثاني: يدفعون بالمعروف المنكر، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: بالعفو الظلم، قاله جويبر.
والرابع: بالحلم السفه، كأنهم إذا سفه عليهم حلموا، قاله ابن قتيبة.
والخامس: بالتوبة الذنب، قاله ابن كيسان.
قوله تعالى: (أولئك لهم عقبى الدار) قال ابن عباس: يريد: عقباهم الجنة، أي: تصير الجنة آخر أمرهم.
قوله تعالى: (ومن صلح) وقرأ ابن أبي عبلة: " صلح " بضم اللام. ومعنى " صلح ":
آمن، وذلك أن الله تعالى ألحق المؤمن أهله المؤمنين إكراما له، لتقر عينه بهم. (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) قال ابن عباس: بالتحية من الله والتحفة والهدايا.
قوله تعالى: (سلام عليكم) قال الزجاج: أضمر القول ها هنا، لأن في الكلام دليلا