ذلك من الصديع، وهو الصبح، قال الشاعر:
كأن بياض غرته صديع وقال الفراء: إنما لم يقل: بما تؤمر به، لأنه أراد: فاصدع بالأمر. وذكر ابن الأنباري أن " به " مضمرة، كما تقول: مررت بالذي مررت.
والثالث: أن المراد به: الجهر بالقرآن في الصلاة، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. قال موسى بن عبيدة: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية، فخرج هو وأصحابه. وفي قوله: (وأعرض عن المشركين) ثلاثة أقوال:
أحدها: اكفف عن حربهم.
والثاني: لا تبال بهم، ولا تلتفت إلى لومهم على إظهار أمرك.
والثالث: أعرض عن الاهتمام باستهزائهم. وأكثر المفسرين على أن هذا القدر من الآية منسوخ بآية السيف.
إنا كفيناك المستهزئين (95) الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون (96) ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون (97) فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين (98) واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (99) قوله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين) المعنى: فاصدع بأمري كما كفيتك المستهزئين، وهم قوم كانوا يستهزئون به وبالقرآن، وفي عددهم قولان:
أحدهما: أنهم كانوا خمسة: الوليد بن المغيرة، وأبو زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن وائل، والحارث بن قيس، قاله ابن عباس، واسم أبي زمعة: الأسود بن المطلب.
وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير، إلا أنه قال مكان الحارث بن قيس: الحارث بن غيطلة، قال الزهري: غيطلة أمه، وقيس أبوه، فهو واحد، وإنما ذكرت ذلك، لئلا يظن أنه غيره، وقد ذكرت في كتاب " التلقيح " من ينسب إلى أمه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وسميت آباءهم ليعرفوا إلى أي الأبوين نسبوا. وفي رواية عن ابن عباس مكان الحارث بن قيس: عدي بن قيس.