ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير (2) وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير (3) إلى الله مرجعكم وهو على كل شئ قدير (4) قوله تعالى: (ألا تعبدوا إلا الله) قال الفراء. المعنى: فصلت آياته بأن لا تعبدوا إلا الله (وأن استغفروا). و (أن) في موضع النصب بالقائك الخافض.
وقال الزجاج: المعنى: آمركم أن تعبدوا (إلها غيره) وأن استغفروا.
قال مقاتل: والمراد بهذه العبادة: التوحيد والخطاب لكفار مكة.
قوله تعالى: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) فيه قولان:
أحدهما: أن الاستغفار والتوبة هاهنا من الشرك، قاله مقاتل.
والثاني: استغفروه من الذنوب السالفة، ثم توبوا إليه من المستأنفة متى وقعت. وذكر عن الفراء أنه قال: (ثم) هاهنا بمعنى الواو.
قوله تعالى: (يمتعكم متاعا حسنا) قال ابن عباس: يتفضل عليكم بالرزق والسعة. وقال ابن قتيبة: يعمركم. وأصل الإمتاع: الإطالة، يقال: أمتع الله بك، ومتع الله بك، إمتاعا ومتاعا، والشئ الطويل: ماتع، يقال: جبل ماتع، وقد متع النهار: إذا تطاول.
وفي المراد بالأجل المسمى قولان:
أحدهما: أنه الموت، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة.
والثاني: أنه يوم القيامة، قاله سعيد بن جبير.
قوله تعالى: (ويؤت كل ذي فضل فضله) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الله تعالى. ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: ويؤت كل ذي فضل من حسنة وخير فضله، وهو الجنة.
والثاني: يؤتيه فضله من الهداية إلى العمل الصالح.
والثاني: أنها ترجع إلى العبيد، فيكون المعنى: ويؤت كل من زاد في إحسانه وطاعاته ثواب ذلك الفضل الذي زاده، فيفضله في الدنيا بالمنزلة الرفيعة، وفي الآخرة بالثواب الجزيل.
قوله تعالى: (وإن تولوا) أي: تعرضوا عما أمرتم به. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو مجلز، وأبو رجاء: و (إن تولوا) بضم التاء. (فإني أخاف عليكم) فيه إضمار (فقل).
واليوم الكبير: يوم القيامة.