الشرف، وإن لم يصبر، فله الرخصة، فظاهر هذا، الجواز. وروى عنه الأثرم أنه سئل عن التقية في شرب الخمر فقال: إنما التقية في القول. فظاهر هذا أنه لا يجوز له ذلك. فأما إذا أكره على الزنا، لم يجز له الفعل، ولم يصح إكراهه، نص عليه أحمد. فإن أكره على الطلاق، لم يقع طلاقه، نص عليه أحمد، وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: يقع.
قوله تعالى: (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) في المشار إليه بذلك قولان:
أحدهما: أنه الغضب والعذب، قاله مقاتل.
والثاني: أنه شرح الصدر للكفر. و " استحبوا " بمعنى: أحبوا الدنيا واختاروها على الآخرة.
قوله تعالى: (وأن الله) أي: وبأن الله لا يريد هدايتهم. وما بعد هذا قد سبق شرحه إلى قوله: (وأولئك هم الغافلون) ففيه قولان.
أحدهما: الغافلون عما يراد بهم، قاله ابن عباس.
والثاني: عن الآخرة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (لا جرم) قد شرحناها في هود.
قوله تعالى: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أنها نزلت فيمن كان يفتن بمكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أن قوما من المسلمين خرجوا للهجرة، فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزل فيهم (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا، وأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا، وقتل من قتل، فنزلت فيهم هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثالث: أنها نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان الشيطان قد أزله حتى لحق بالكفار، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة، وفيه بعد، له لأن المشار إليه وإن كان قد عاد إلى الإسلام، فإن الهجرة انقطعت بالفتح.