وإسماعيل بن مجالد عن عاصم، فقرؤوا (مجريها ومرسيها) بضم الميم، وبباءين صحيحتين، مثل مبديها ومنشيها. وقرأ ابن مسعود: (مجراها) بفتح الميم، وإمالة الراء بعدها ألف، (ومرساها) برفع الميم، وإمالة السين بعدها ألف. وقرأ أبو رزين، وأبو المتوكل: (مجراها) بفتح الميم والراء، وبألف بعدها، ومرساها، برفع الميم وفتح السين، وبألف بعدها. وقرأ أبو الجوزاء، وابن يعمر: (مجراها ومرساها) بفتح الميم فيهما جميعا، وفتح الراء والسين، وبألف بعدهما. وقرأ يحيى بن وثاب بفتح الميمين، إلا أنه أمال الراء والسين فيهما. وقرأ أبو عمران الجوني، وابن جبير، برفع الميم فيهما، وفتح الراء والسين، وبألف بعدهما جميعا. فمن قرأ بضم الميمين، جعله من أجرى وأرسى. ومن فتحهما، جعله مصدرا من جرى الشئ يجري مجرى، ورسى يرسي مرسى. قال الزجاج: قوله (تعالى): (بسم الله) أي: بالله، والمعنى: أنه أمرهم أن يسموا في وقت جريها ووقت استقرارها.
ومن قرأ بضم الميمين، فالمعنى: بالله إجراؤها، وبالله إرساؤها. ومن فتحهما فالمعنى:
بالله يكون جريها، وبالله يقع إرساؤها، أي: إقرارها. وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول:
من ضم الميم في (مجراها) أراد: أجراها الله مجرى، ومن فتحها، أراد: جرت مجرى. وقال الضحاك: كان إذا أراد أن تجري، قال: بسم الله، فجرت. وإذا أراد أن ترسى، قال: بسم الله، فرست.
* * * وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يبني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين (42) قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين (43) قوله تعالى: (وهي تجري بهم في موج كالجبال) شبهه في بالجبال في عظمه وارتفاعه، ويقال: إن الماء أرتفع على أطول جبل في الأرض أربعين ذراعا، ويروي خمس عشرة ذراعا.
وذكر بعض المفسرين أنه ارتفع نحو السماء سبعين فرسخا من الأرض.
قوله تعالى: (ونادى نوح ابنه) لا يختلفون أنه كان كافرا. وفي اسمه قولان:
أحدهما: كنعان، وهو قول الأكثرين.
والثاني: اسمه يام، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عبيد بن عمير، وابن إسحاق.
قوله تعالى: (وكان في معزل) المعزل: المكان المنقطع. ومعنى العزل: التنحية.