قوله تعالى: (يا أبت) قرأ أبو جعفر، وابن عامر بفتح التاء، ووقفا بالهاء، وافقهما ابن كثير في الوقف بالهاء، وقرأ الباقون بكسر التاء. فمن فتح التاء، أراد: يا أبتا، فحذف الألف كما تحذف الياء، فبقيت الفتحة دالة على الألف، كما أن الكسرة تبقى دالة على الياء. ومن وقف على الهاء، فلأن تاء التأنيث تبدل منها الهاء في الوقف. وقرأ أبو جعفر أحد عشر، وتسعة عشر، بسكون العين فيهما.
وفيما رآه يوسف قولان:
أحدهما: أنه رأى الشمس والقمر والكواكب، وهو قول الأكثرين. قال الفراء: وإنما قال:
" رأيتهم " على جمع ما يعقل، لأن السجود فعل ما يعقل، كقوله [تعالى] (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم). قال المفسرون: كانت الكواكب في التأويل إخوته، والشمس أمه، والقمر أباه، فلما قصها على يعقوب أشفق من حسد إخوته. وقال السدي: الشمس أبوه، والقمر خالته، لأن أمه كانت قد ماتت.
والثاني: أنه رأي أبويه وإخوته ساجدين له، فكنى عن ذكرهم، وهذا مروي عن ابن عباس، وقتادة. فأما تكرار قوله [تعالى]: (رأيتهم) فقال الزجاج: إنما كرره لما طال الكلام توكيدا.
وفي سن يوسف لما رأى هذا المنام ثلاثة أقوال:
أحدها: سبع سنين.
والثاني: اثنتا عشرة سنة.
والثالث: سبع عشرة سنة.
قال المفسرون: علم يعقوب أن إخوة يوسف يعلمون تأويل رؤياه، فقال: (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا)، قال ابن قتيبة: يحتالوا لك حيلة ويغتالوك. وقال غيره:
اللام صلة، والمعنى: فيكيدوك. والعدو المبين: الظاهر العداوة.
وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم (6) قوله تعالى: (وكذلك يجتبيك ربك) قال الزجاج، وابن الأنباري: ومثل ما رأيت من الرفعة والحال الجليلة، يختارك ربك ويصطفيك من بين إخوتك. وقد شرحنا في الأنعام معنى