كما يقول الرجل للوزير: إن رأى الوزير أن يوقع في قصتي. وإن قلنا: إنه كان غائبا، فلا وجه لدخول التاء، وكذلك إن قلنا: إنه عني العزيز، والعزيز غائب عن مجلس الملك حينئذ.
والقول الثاني: أنه قول امرأة العزيز، فعلى هذا يتصل بما قبله، والمعنى: ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته الآن بالكذب عليه.
والثالث: أنه قول العزيز، والمعنى: ليعلم يوسف أني لم أخنه بالغيب، فلم أغفل عن مجازاته على أمانته، حكى القولين الماوردي.
قوله تعالى: (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) قال ابن عباس: لا يصوب عمل الزناة، وقال غيره: لا يرشد من خان أمانته ويفضحه في عاقبته.
* وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم (53) وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين (54) قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم (55) وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين (56) قوله تعالى: (وما أبرئ) في القائل لهذا ثلاثة أقوال: وهي تقدمت في الآية قبلها.
فالذين قالوا: هو يوسف، اختلفوا في سبب قوله لذلك على خمسة أقوال:
أحدها: أنه لما قال: " ليعلم أني لم أخنه بالغيب " غمزه جبريل عليه السلام، فقال: ولا حين هممت؟ فقال: " وما أبرئ نفسي "، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الأكثرون.
والثاني: أن يوسف لما قال: " لم أخنه " ذكر أنه قد هم بها، فقال: " وما أبرئ نفسي " رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنه لما قال ذلك، خاف أن يكون قد زكى نفسه، فقال: " وما أبرئ نفسي "، قاله الحسن.
والرابع: أنه لما قاله، قال له الملك الذي معه: اذكر ما هممت به، فقال: " وما أبرئ نفسي "، قاله قتادة.
والخامس: أنه لما قاله، قالت امرأة العزيز: ولا يوم حللت سراويلك؟ فقال: " وما أبرئ نفسي "، قاله السدي. والذين قالوا: هذا قول امرأة العزيز، فالمعنى: وما أبرئ نفسي من