والرابع: أنه لما أخبره بنوه بسيرة العزيز، طمع أن يكون هو يوسف، قاله السدي، قال:
ولذلك قال لهم: (اذهبوا فتحسسوا). وقال وهب بن منبه: لما قال له ملك الموت: ما قبضت روح يوسف، تباشر عند ذلك، ثم أصبح، فقال لبنيه: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه).
قال أبو عبيدة: " تحسسوا " أي: تخبروا والتمسوا في المظان.
فإن قيل: كيف قال: " من يوسف " والغالب أن يقال: تحسست عن كذا؟ فعنه جوابان ذكرهما ابن الأنباري.
أحدهما: أن المعنى: عن يوسف، ولكن نابت عنها " من " كما تقول العرب: حدثني فلان من فلان، يعنون عنه.
والثاني: أن " من " أوثرت للتبعيض، والمعنى: تحسسوا خبرا من أخبار يوسف.
قوله تعالى: (ولا تيأسوا من روح الله) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: من رحمة الله، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني: من فرج الله، قاله ابن زيد.
والثالث: من توسعة الله، حكاه ابن القاسم. قال الأصمعي: الروح: الاستراحة من غم القلب. وقال أهل المعاني: لا تيأسوا من الروح الذي يأتي به الله، (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) لأن المؤمن يرجوا الله في الشدائد.
فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين (88) قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون (89) قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (90) قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين (91) قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين (92) اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين (93) قوله تعالى: (فلما دخلوا عليه) في الكلام محذوف، تقديره: فخرجوا إلى مصر،