قوله تعالى: (أن تكون أمة) قال ابن قتيبة: لأن تكون أمة، (هي أربى) أي: هي أغنى (من أمة) وقال الزجاج: المعنى: بأن تكون أمة هي أكثر، يقال: ربا الشئ يربو: إذا كثر. قال ابن الأنباري: قال اللغويون: " أربى ": أزيد عددا. قال مجاهد: كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز، فينقضون حلف هؤلاء ويحالفون أولئك، فنهوا عن ذلك! وقال الفراء: المعنى: لا تغدروا بقوم لقلتهم وكثرتكم، أو قلتكم وكثرتهم وقد غررتموهم بالأيمان.
قوله تعالى: (إنما يبلوكم الله به) في هذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى الكثرة، قاله سعيد بن جبير، وابن السائب، ومقاتل، فيكون المعنى: إنما يختبركم الله بالكثرة، فإذا كان بين قومين عهد فكثر أحدهما، فلا ينبغي أن يفسخ الذي بينه وبين الأقل. فإن قيل: إذا كنى عن الكثرة، فهلا قيل بها؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري. بأن الكثرة ليس تأنيثها حقيقيا، فحملت على معنى التذكير، كما حملت الصيحة على معنى الصباح.
والثاني: أنها ترجع إلى العهد، فإنه لدلالة الأيمان عليه، يجرى مجرى المظهر، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: أنها ترجع إلى الأمر بالوفاء، ذكره بعض المفسرين.
قوله تعالى: (ولو شاء لجعلكم أمة واحدة) قد فسرناه في آخر هود.
قوله تعالى: (ولكن يضل من يشاء) صريح في تكذيب القدرية، حيث أضاف الإضلال والهداية إليه، وعلقهما بمشيئته.
ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم (94) ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون (95) ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (96) قوله تعالى: (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا) هذا استئناف للنهي عن أيمان الخديعة. (فتزل قدم بعد ثبوتها) قال أبو عبيدة: هذا مثل يقال لكل مبتلى بعد عافية، أو ساقط في ورطة بعد سلامة: زلت به قدمه. قال مقاتل: ناقض العهد يزل في دينه كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة.