تضرونه شيئا إن ربي على كل شئ حفيظ (57) قوله تعالى: (فإن تولوا) فيه قولان:
أحدهما: أنه فعل ماض، معناه: فإن أعرضوا: فعلى هذا، في الآية إضمار، تلخيصه:
فإن أعرضوا فقل لهم: قد أبلغتكم، هذا مذهب مقاتل في آخرين.
والثاني: أنه خطاب للحاضرين، وتقديره: فإن تتولوا، فاستثقلوا الجمع بين تاءين متحركتين، فاقتصر على إحداهما، وأسقطت الأخرى، كما قال النابغة:
المرء يهوى أن يعيش * وطول عيش قد يضره تفنى بشاشته ويبقى * بعد حلو العيش مره وتصرف الأيام حتى * ما يرى شيئا يسره أراد: وتتصرف الأيام، فأسقط إحدى التاءين، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: (ويستخلف ربي قوما غيركم) فيه وعيد لهم بالهلاك. (إن ربي على كل شئ حفيظ) فيه قولان:
أحدهما: حفيظ على أعمال العباد حتى يجازيهم بها.
والثاني: أن " على " بمعنى اللام، فالمعنى: لكل شئ حافظ، فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء.
ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ (58) قوله تعالى: (ولما جاء أمرنا) فيه قولان:
أحدهما: جاء عذابنا، قاله ابن عباس.
والثاني: جاء أمرنا بهلاكهم.
قوله تعالى: (نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا) فيه قولان:
أحدهما: نجيناهم من العذاب بنعمتنا.
والثاني: نجيناهم بأن هديناهم إلى الإيمان، وعصمناهم من الكفر، روي القولان عن ابن عباس.
قوله تعالى: (ونجيناهم من عذاب غليظ) أي: شديد، وهو ما استحقه قوم هود من عذاب الدنيا والآخرة.