وفي قوله تعالى: (ومن لستم له برازقين) أربعة أقوال:
أحدها: أنه الدواب والأنعام، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
والثاني: الوحوش، رواه منصور عن مجاهد. وقال ابن قتيبة: الوحش، والطير، والسباع، وأشباه ذلك مما لا يرزقه ابن آدم.
والثالث: العبيد والإماء، قاله الفراء.
والرابع: العبيد، والأنعام، والدواب، قاله الزجاج. قال الفراء: و " من " في موضع نصب، فالمعنى: جعلنا لكم فيها المعايش، والعبيد، والإماء. ويقال: إنها في موضع خفض، فالمعنى: جعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين. وقال الزجاج: المعنى: جعلنا لكم الدواب، والعبيد، وكفيتم مؤونة أرزاقها.
فإن قيل: كيف قلتم: إن " من " ها هنا للوحوش والدواب، وإنما تكون لمن يعقل؟
فالجواب: أنه لما وصفت الوحوش وغيرها بالمعاش الذي الغالب عليه أن يوصف به الناس، فيقال: للآدمي معاش، ولا يقال: للفرس معاش، جرت مجرى الناس، كما قال: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم)، وقال: (رأيتهم لي ساجدين)، وقال: (كل في فلك يسبحون)، وإن قلنا: أريد به العبيد، والوحوش، فإنه إذا اجتمع الناس وغيرهم، غلب الناس على غيرهم، لفضيلة العقل والتمييز.
وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم (21) قوله تعالى: (وإن من شئ) أي: وما من شئ (إلا عندنا خزائنه) وهذا الكلام عام في كل شئ. وذهب قوم من المفسرين إلى أن المراد به المطر خاصة، فالمعنى عندهم: وما من شئ من المطر إلا عندنا خزائنه، أي: في حكمنا وتدبيرنا (وما ننزله) كل عام (إلا بقدر معلوم) لا