قال المفسرون: وهذا نهي للذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ونصرة الدين عن نقض العهد، ويدل عليه قوله تعالى: (وتذوقوا السوء) يعني: العقوبة (بما صددتم عن سبيل الله) يريد أنهم إذا نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، صدوا الناس عن الإسلام، فاستحقوا العذاب.
وقوله تعالى: (ولكم عذاب عظيم) يعني: في الآخرة. ثم أكد ذلك بقوله: (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) قال أبو صالح عن ابن عباس: نزلت في رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، يقال لأحدهما: " عيدان بن أشوع " وهو صاحب الأرض، وللآخر: " امرؤ القيس " وهو المدعى عليه، فهم امرؤ القيس أن يحلف، فأخره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية. وذكر أبو بكر الخطيب أن اسم صاحب الأرض " ربيعة بن عبدان "، وقيل: " عيدان "، بفتح العين وياء معجمة باثنتين. ومعنى الآية: لا تنقضوا عهودكم، تطلبون بنقضها عرضا يسيرا من الدنيا، إن ما عند الله من الثواب على الوفاء هو خير لكم من العاجل. (ما عندكم ينفذ) أي: يفنى (وما عند الله) في الآخرة (باق) وقف بالياء ابن كثير في رواية عنه، ولا خلاف في حذفها في الوصل. (ولنجزين الذين صبروا) قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " وليجزين " بالياء. وقرأ ابن كثير، وعاصم " ولنجزين " بالنون. ولم يختلفوا في (ولنجزينهم أجرهم) أنها بالنون، ومعنى هذه الآية: وليجزين الذين صبروا على أمره أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا، ويتجاوز عن سيئاتهم.
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (97) قوله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن امرأ القيس المتقدم ذكره أقر بالحق الذي كان هم أن يحلف عليه، فنزلت فيه:
(من عمل صالحا)، وهو إقراره بالحق، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أن ناسا من أهل التوراة، وأهل الإنجيل، وأهل الأوثان، جلسوا، فتفاضلوا، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح.
قوله تعالى: (فلنحيينه حياة طيبة) اختلفوا أين تكون هذه الحياة الطيبة على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها في الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس. ثم فيها للمفسرين تسعة أقوال: